نوفمبر 09, 2021 afaqdroit مقالات قانونية 0
مقدمة
إن الفطرة التي فطر الله الناس عليها قضت بضرورة اجتماع الذكور و الإناث دفعا إلى إبقاء النوع البشري لتعمر الأرض و تستغل كنوزها و تسخر قواها الطبيعية طوال المدة التي أراد الله سبحانه و تعالى أن تبقى هذه الأرض، و لولا هذه الجبلة التي برأ الله عليها الإنسان لفنيت الأرض في أقصر زمان وفي هذا الصدد يقول الله عز وجل ” يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ” [1] و منذ أن بعث العلي القدير رسلا إلى الناس يبلغونه أوامره و يبينون لهم سبيل الهدى شرع لهم أيضا على لسانهم الزواج ليكون الوسيلة المثلى لاتصال الرجل بالمرأة و ذلك النظام الذي يجدد علاقة كل واحد منهما بالآخر، فالشريعة الإسلامية تكفلت بتبيان حدود هذه العلاقة ووضعت رسومها على أقرب نهج إلى السعادة العائلية كما أنها لم تترك مسائل الأسرة سدى تتحكم فيها الأهواء والعواطف بل نظمتها تنظيما محكما والدليل على ذلك النصيب الوافر الذي حظيت به الأسرة من آيات الذكر الحكيم وزادها النبي صل الله عليه و سلم شرفا و تفصيلا في شريف السنن.
فالأسرة تعتبر مستودعا للهوية و خزانا للقيم و مؤهلة لمقاومة كل تيارات الهدم و التدمير و مقاومة قوى السيطرة و الاحتلال كما أنها تجسد كينونة المجتمع بل تحافظ على هذه الكينونة في خضم الأعاصير غير أن الأسرة المغربية تتطور أكثر فأكثر سواء من حيث الحجم والوظائف والأدوار وحتى من حيث عقلية أعضائها وأن هذا التطور يتجه نحو التقلص أي نحو تكريس الأسرة الزوجية والتي تغلب عليها النزعة الفردية ( عوض التكافل الاجتماعي ) العيش في الشقة بدل (الدار الكبيرة) تقليل من سواد الأمة عوض تكثيره (تكريس سياسة تحديد النسل…) فالتطور الذي عرفته الروابط الأسرية المغربية في نهاية القرن العشرين لم يصاحبه تطور في التشريع الذي ينظم العلاقات الأسرية بل أصبح هذا التشريع عاجز عن معالجة المشاكل الناتجة عن الزواج و انحلاله كما أنه أدى إلى تفكيك الأسرة و تشريد أفرادها بالطلاق .
أصبح من الصعب خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين تغيير القانون المنظم للروابط الأسرية، فوضعية المرأة أصبحت في ظل هذا القانون من أهم المواد ذات حساسية عالية لأنها تشكل ملجأ لخصوصيات وطنية تتحكم فيها عدة اعتبارات دينية و ثقافية في مقابل معايير النموذج الأممي التي أصبحت تفرض ذاتها في الوقت الراهن بحكم عالميتها وبحكم تبنيها من طرف منظمات دولية و قارية التي يعد المغرب عضوا فيها. وهذا الموضوع له ارتباط بإشكالية الأصالة والمعاصرة وإشكالية الهوية والأممية، وأن المغرب كباقي البلدان الإسلامية وجد نفسه منقسما بين الرغبة في الحفاظ على هويته وبين الرغبة في انفتاح على مستجدات العصر الحاضر وعلى قواعد النموذج الأممي [2].
و إذا كانت هذه الازدواجية لم تطرح بحدة عند صياغة مختلف فروع القانون ابتداءً من الدستور فإنه بخصوص القانون المنظم للعلاقات الأسرية لم يكن الأمر سهلا وذلك أن رفض استنساخ النموذج الثقافي الغربي و العلماني و تقديمه كحل مناسب و جاهز للمجتمع المغربي، دون أي اعتبار للمقومات الحضارية و الخصوصيات الثقافية و الدينية المشكلة للهوية المغربية أدى إلى تنامي الهوة بين التيارين الأول الداعي إلى التحديث و العصرنة عن طريق الاقتداء بالنموذج الغربي العلماني و الإقرار بتلك الحقوق كما هي مقررة فيه، والثاني يرفض هذه الفكرة بدعوى أن الأسرة المجال الذي لم يطله تأثير التيار العلماني .
وفي ظل تنازع هاتين المرجعيتين الإسلامية والعلمانية في تنظيم الروابط الأسرية، وقفت المدونة بين المنزلتين فمن جهة نلاحظ أنها حاولت التوفيق بين الخصوصية الإسلامية ومن جهة أخرى الوفاء للاتفاقيات الأممية ذات المرجعية العلمانية التي صادقت عليها، وهذا ما يظهر جليا من خلال مدونة الأسرة المنظمة للعلاقات الزوجية و انحلالها. فأين تتجلى الازدواجية المرجعية المنظمة للروابط الأسرية؟ وما هي الآثار المترتبة عنها؟
وكيف وفق المشرع المغربي بين المرجعية الإسلامية والمرجعية العلمانية في تنظيم الروابط الأسرية؟ وما هي الآثار المترتبة عن المرجعية المعتمدة في تنظيم الروابط الأسرية؟
انطلاقا من الإشكالية والاستفهامات الجزئية أعلاه ارتأينا أن نعتمد في دراستنا وتحليلنا لهذا الموضوع التصميم الآتي:
المبحث الأول : مظاهر الازدواجية المرجعية في الروابط الأسرية
المبحث الثاني : آثار الازدواجية المرجعية على الروابط الأسرية
————— —————- —————
المبحث الأول: مظاهر الازدواجية المرجعية في الروابط الأسرية
منذ صدور مدونة الأحوال الشخصية بتاريخ 1957 مرورا بكل التعديلات التي طرأت سنة 1993، إلى مدونة الأسرة في صياغاتها الحالية، حيث أخذت بصفة مباشرة من أحكام الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، خاصة أحكام المذهب المالكي الذي أوكل إليه أمر تنظيم الأسرة وترتيب حقوق الزوجين وواجباتهما وتحديدهما وما يترتب عن تكوين الأسرة وانفصام عراها وكذا ما يتعلق بالنسب والوصايا والميراث، وبالرغم من تأثر مدونة الأسرة بالشريعة الإسلامية، إلا أن التشريعات وضعية كانت أم سماوية لا يمكن لها أن تتضمن كل الأحكام الجزئية التفصيلية لكل ما يحدث في الواقع، لأن النصوص فيها مهما كثرت متناهية والوقائع غير متناهية ومتجددة.
المطلب الأول: مظاهر الازدواجية المرجعية في الزواج
شرع الإسلام الزواج وحدد دائرته لا يسع الإنسان أن يتزوج داخلها بهدف صيانة العائلة، ومنه سنتطرق في تحليلنا لهذا المطلب لفقرتين الأولى مفادها مظاهر الازدواجية المرجعية في تعدد الزوجات، وفي فقرة ثانية مظاهر الازدواجية المرجعية في مانع الدين في الزواج بالنسبة للمرجعية الإسلامية والعلمانية.
الفقرة الأولى: مظاهر الازدواجية المرجعية في تعدد الزوجات
شكل موضوع تعدد الزوجات أحد المواضيع التي احتدم الجدل حوله، واختلفت مآرب المفكرين والباحثين فيه بين من يرى بمنعه إطلاقا ومقيد له ومعتقد بإباحته دون قيود، إلا أن هذا الموضوع يجسد بحق إشكال عويص طالما أرق تفكير الباحثين، وهي إشكالية الخصوصية في مقابل الكونية [3].
التعدد من جهة نظر الشريعة الإسلامية يدخل في دائرة المباح من حيث المبدأ بغض النظر عن القيود التي يمكن أن ترد عليه، بين ما هو ممنوع من وجهة نظر الاتفاقيات الدولية لأنه قد يشكل تهديدا لحقوق المرأة والمس بمبدأ مساواتها مع الرجل .
فالإسلام رخص في التعدد واشترط على الزوج إقامة العدل بين نسائه والاقتصار على زوجة واحدة عند الخوف من عدم العدل لقوله تعالى: ” فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ” [4] كما قال عز وجل: ” وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ” [5]
وقد اختلف الفقهاء في تفصيل هذه الآية حيث يقول الاتجاه الأول أن في الآية إباحة التعدد في حدود المسموح به شرعا وأنه لا يحظر إلا إذا خيف عدم العدل، والعدل المقصود عندهم ليس العدل في الجانب العاطفي [6]، بل العدل في النفقة والمبيت. أما الاتجاه الثاني فيرى أنصاره استنادا إلى الآية السابقة أن التعدد مباح في الشريعة الإسلامية ما يمنع أولياء الأمور في المجتمع من تقييده ووضعه تحت رقابة هيئة رسمية حسب ظروف وأحوال كل حالة، وهو الرأي الذي جنح فيه كثير من الفقه [7]
وبعد الإصلاح التشريعي الذي طال مدونة الأحوال الشخصية الملغاة سنة 1993، وبعد تعديل الفصل 30، وإقرار قيدين على التعدد، حيث اشترط المشرع على الزوج ضرورة إشعار الزوجة في رغبته في الزواج عليها، إضافة إلى إخبار الزوجة الثانية بانه متزوج، إضافة إلى إعطاء القاضي حق مراقبة التعدد من أجل تقييم مدى إمكانية توفر العدل في الزوج من عدمه.
والملاحظ أن هذه التعديلات لم تذهب إلى حد منع التعدد كما كانت تنتظر الجهات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، كما لم تمنح المرأة أية إمكانية حقيقية للحيلولة دون حصول التعدد رغم اشتراط إذن القاضي، لأن الفصل 30 من مدونة الأحوال الشخصية لم يحدد المعايير التي يمكن لهذا الأخير اعتمادها لتحديد مدى توفر شرط العدل من عدمه [8] ، ومن تم تكون قد منحته سلطة واسعة ومطلقة في الإذن به أو منعه وتعامل القاضي مع هذا الأمر سيبقى مرتبطا بتكوينه الفكري والثقافي وقناعاته ونظرته للأسرة،
لهذا فإن هذه التعديلات بقيت معدودة ولا تعكس طموحات المرأة المغربية وتصورها الجديد للبناء الأسري الحديث القائم على إلغاء الحيف والتمييز بين الجنسين [9]، وبقي هذا الموضوع متعارضا تماما مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية العلمانية التي تقر بمبدأ المساواة التام بين الرجل والمرأة في علاقة الزواج، ونبذ كل ميز أساسه الجنس.
ومن ذلك المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن: ” للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين، وهما يتساويان في الحقوق … خلال قيام الزواج … ”
كما دعت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والقضاء على كل ميز ضدها حيث اعتبرت أن الميز يعني: ” أي تفرقة أو استعباد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه، توهب أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان … أو ممارستها بصرف النظر عن حياتنا الزوجية وعلى أسباب المساواة بينها وبين الرجل ” [10].
فمن خلال قراءتنا لهذه المادة يتبين لنا أنها تشير إلى كل تعامل مختلف بين الرجل والمرأة ومتعمد ضد المرأة، وأن كل ميز يمنع المجتمع في مجمله من الاعتراف للمرأة بحقوقها في الحياة الأسرية.
وأوجبت المادة 16 من هذه الاتفاقية أنه على جميع الدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج وبوجه خاص تضمن على أساس تساوي الرجل والمرأة نفس الحقوق والمسؤولية أثناء الزواج.
ومن خلال نصوص هذه الاتفاقيات الدولية فقد طالبت العديد من الحركات النسائية المغربية بضرورة إلغاء التعدد ومنعه مطلقا، إضافة إلى أن التعدد يعبر عن تناقض صريح
بين التشريع الأسري المغربي وما تنص عليه المواثيق الدولية حسب مطالب الحركات النسائية.
وبالرغم من مصادقة المغرب على هذه الاتفاقيات إلا أنه تحفظ على بعض المقتضيات بما فيها المادة 16 من أجل فسح المجال لتأويلها بما يناسب النظام العام المغربي، وخاصة متطلبات دستور المملكة وما تقضي به الشريعة الإسلامية، وليس القصد من ذلك التخلص من الوفاء بالتزاماته.
فالمادة 40 من مدونة الأسرة تنص على أنه: ” يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها.” وهذا يعني أن التعدد يمنع بكيفية مطلقة متى اشترطت الزوجة ذلك على زوجها.
وتنص المادة 41 من مدونة الاسرة على أنه: ” لا تأذن المحكمة بالتعدد:
وقد جاء في قرار عدد 331 الصادر بتاريخ 23 يونيو 2015 في الملف الشرعي عدد 276/2/1/2015 أنه: ” لما كان الزوج يتوفر على البنات فقط من زوجته الأولى التي وافقت له على زواجه من ثانية، وأن رغبته في إنجاب مولود ذكر لا يوجد ما يمنعها لا قانونا ولا فقها، فإن المحكمة لما قضت برفض طلب التعدد رغم ثبوت كافة الشروط الواردة في المادتين 40 و 41 من مدونة الأسرة بما فيها المبرر الموضوعي الاستثنائي، يكون قرارها غير مرتكز على أساس.” [11]
ومن خلال قراءتنا لهذا القرار وبالرجوع إلى حيثيات المقال الاستئنافي يتبين لنا بأن العلة المعتمد عليها غير مستندة على أي أساس سواء كان علميا أم فقهيا أو حتى قانونيا، مادام أن العلم جزم وبالمطلق بأن المرأة بريئة من المسؤولية عن تحديد جنس المولود، وأن الرجل هو المسؤول الأول والأخير عن ذلك، بمعنى حتى وإن منح له الاذن بالتعدد والزواج بثانية وثالثة بل وحتى رابعة، فليس هناك ما يؤكد بالبت والمطلق على أنه سينجب منهم أبناء ذكورا،
وأن الأولاد ذكورا كانوا أم إناثا هبة من الله عز وجل، وأن الله الكريم هو المتحكم الوحيد في جنس المولود داخل رحم أمه ذكرا كان أم أنثى، مصداقا لقوله تعالى: “ للَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ“[12]. وقد تكون الزوجة الثانية عاقرا فتنتفي معه العلة التي اعتمد عليها القرار في التسبيب، ويبقى الأمر محض احتمال، وهو ما يتعارض مع القاعدة الفقهية المؤطرة لتعليل الأحكام والقرارات القضائية والتي تقول: “إن القضاء لا يبنى على مجرد الظن والتخمين، وإنما ينبى على الجزم واليقين”.
كما أن الدكتور أحمد الخمليشي وهو يناقش المبرر الموضوعي الاستثنائي المؤسس على العقم فسره بكونه عدم إنجاب الزوجة بصفة نهائية واعتبر رغبة الزوج في إنجاب أكثر من ولد أو في إنجاب ذكر لا تدخل في هذه الصفة.[13]
وفي الأخير يمكننا القول بأن المشرع المغربي لم يمنع التعدد بشكل قطعي، لكن ضيق عليه إلى أبعد الحدود حيث جعله شبه ممنوع وذلك بوضع شروط يصعب توفرها في المطالب بالتعدد، وأبرز هذه الشروط شرط المبرر الموضوعي الاستثنائي إضافة إلى عدم وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها وذلك في إطار التوافق مع مبادئ الاتفاقيات الدولية التي منحت المرأة كامل الحرية في الاستمرار في الحياة الزوجية من عدمه عند التعدد.
الفقرة الثانية: مظاهر الازدواجية المرجعية بالنسبة لمانع الدين في الزواج
لقد جاء في الفصل 29 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في معرض تعداد موانع الزواج المؤقتة أن” المحرمات حرمة مؤقتة…زواج المسلة بغير المسلم…”
وقد جاءت مقتضيات مدونة الأسرة أكثر دقة في المادة 39 عندما أضافت إلى المقتضى السابق تحريم زواج المسلمة بغير المسلم ما لم تكون كتابية فلم يعد المنع يقتصر على هذا وإنما طال زواج المسلم بغير المسلمة باستثناء زواجه من الكتابية فهو مباح.
ويستمد هدا النص مرجعيته مباشرة من قواعد الشريعة الإسلامية ’ حيث يجمع الفقهاء على تحريم زواج المسلمة بغير المسلم. [14] لقوله تعالى: ” وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ” [15] بمعنى لا تزوجوا المشركين النساء المؤمنات.[16]
فهذه الآية تقر صراحة بنص قاطع منع زواج المسلمة بغير المسلم سواء كان كتابيا أو غير كتابي أما أهل الكتاب فلم ترد فيهم عبارة صريحة.
وبهذا يكون نكاح المسلمة بغير المسلم باطلا بنص قطعي لا يرتب أي أثر شرعي ماعدا التعزير في حالة عدم حصول الدخول والحد في حالة حصوله.[17]
وإذا كانت مدونة الأسرة قد أقرت بمانع الزواج في المادة 39 فهي ظلت وفية لقواعد الشريعة الإسلامية من جهة ’ فمن جهة أخرى تكون قد خالفت مبادئ الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب والتزم في دستوره في باحترامها’ خاصة منها ما يتعلق بالحق في الزواج والحرية في اختيار الزوج.[18]
وفي هذا الصدد نجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 16 ينص على أن : للرجل والمرأة متى بلغ سن البلوغ الحق في الزواج وتأسيس أسرة ’ دون قيد بسبب العرف أو الجنسية أو الدين و هما يتساويان في الحقوق عند التزوج .
وكذلك اتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة في المادة 16 :” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التميز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية بوجه خاص تضمن المساواة بين الرجل والمرأة :
أ) نفس الحق في الزواج
ب) نفس الحق في اختيار الزوج.
والملاحظ من خلال هذه الاتفاقيات فإنها تعطي للأطراف الحرية المطلقة في الزواج دون تميز بين الجنسين ’ وأهم ما تنادي به هو القضاء على كل الموانع المرتبطة بالدين.[19]
لكن رغم مصادقة المغرب على هذه الاتفاقيات وتعهده على تنفيذها دستوريا إلا أن هذا التنفيذ لا يمكن أن يكون مطلقا لأن الإسلام يبقى دائما في الدستور هو الدين الرسمي للبلاد مما لا يمكن أن يكون موضع مراجعة لذلك لا يمكن للنظام القانوني المغربي أن يسمح بخرق قاعدة إسلامية أساسية وجوهرية كهذه.[20]
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع مانع الدين أصبح يشكل وضعا دقيقا في الوقت الحاضر، نظرا لحجم الهجرة الذي تعرفه اليوم كل المجتمعات إضافة إلى ما تعيشه من فصل لدين عن الحياة، الأمر الذي أصبح معه من الصعب التعرف على عقيدة الفرد في حالات غير قليلة.
لذلك لا يمكن لأحد أن يجادل في المخاطر الثابتة والمفترضة للزواج من الأجانب أو أن يشك في أفضلية الزواج الذي يربط بين زوجين تجمع بينهما أواصر المواطنة والعقيدة وما لذلك من أثار إيجابية على تنشئة الأبناء واستقرار الأسرة وتوازنها ’ فكل ذلك من باب تحصيل حاصل.[21]
يتبين لنا من خلال ما سبق أ، المرجعية الإسلامية جاءت واضحة في شأن اشتراط الدين في الزواج و اعتباره مانعا من الموانع المؤقتة للزواج بخلاف المرجعية العلمانية والتي تفصل الدين عن الحياة وبذلك تعتبر بأن الدين كمانع من الزواج فيه تضيق للحرية ومخالف للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدول.
المطلب الثاني: مظاهر الازدواجية المرجعية في انحلال ميثاق الزوجية
إن الزواج لا ينعقد على وجه التوقيت ” بل هو عقد شرع للبقاء والاستمرار” غير أن الحياة الزوجية يمكن أن تصاب بما لا يستطاع معه دوام العشرة بل تصبح جحيما بعد ما كانت سكنا وواحة للراحة ولا شك أن المنطق في هذه الحالة يفرض الطلاق.
وإذا ما تفحصنا أحكام الطلاق في القانون المغربي نجدها أحيانا تتبع أحكام الشريعة الإسلامية وأحيانا أخرى تعاليم المرجعية العلمانية.
وسوف نحاول في هذا المطلب إلى عرض أحكام الازدواجية المرجعية بخصوص الطلاق وسنأخذ كنموذج لهذه الازدواجية كل من الإرادة المنفردة للزوج في إيقاع الطلاق (فقرة أولى) والطلاق الاتفاقي (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: مظاهر الازدواجية المرجعية بالنسبة للإرادة المنفردة للزوج في إيقاع الطلاق
انطلاقا من النصوص الشرعية الواردة في موضوع الطلاق يكاد معظم الفقهاء الإجماع على أن الطلاق حق خالص للزوج وحده و لا دخل للمرأة أو القضاء فيه حيث إذا تفحصنا النصوص الشرعية في القرآن والسنة نجد نصا وحيدا جعل حق الطلاق بيد المرأة . ومن بين هذه النصوص قوله عز وجل في كتابه الحكيم ” يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقهن لعدتهن” [22]
نلاحظ من خلال هدا النص الشرعي ونصوص أخرى أن مالك الطلاق هو الرجل بدون منازع وله الحق المطلق في إنهاء العلاقة الزوجية بإرادته المنفردة بناء على نصوص شرعية صريحة.[23]
ونفس المنحى تقريبا سارت فيه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة حيث ورد في مادتها 45: ” محل الطلاق المرأة التي في نكاح صحيح أو المعتدة…” فبهذا تكون مدونة الأحوال الشخصية الملغاة قد اعتبرت المرأة محل للطلاق فقط وليس طرفا معنيا وأساسيا فيه، فمن البديهيات أن في القواعد العامة للقانون المدني أن العمل موضوع العقد هو الأشياء والأفعال والحقوق المادية والمعنوية الداخلة في دائرة التعامل ومن تم فإن هذا الفصل أعلاه يكون قد شيَّءَ المرأة حينما اعتبرها محلا للطلاق وذلك يمس بكرامتها وأدميتها و حقوقها كإنسان.[24]
وبالتالي الفصل أعلاه كان يتناقض مع كل الاتفاقيات الدولية والعهود التي تحث على المساواة بين الرجل والمرأة باعتبارهم إنسانين يتمتعان بنفس الحقوق والالتزامات دون أي تمييز بينهما.
وهذا الطلاق بالإرادة المنفردة للرجل اعتبره بعض الباحثين أنه يترجم أحد أكبر مظاهر التناقضات الصارحة مع مقتضيات كل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ليس لأنه يشكل أحد أخطر حالات التميز ضد المرأة على مستوى العلاقة الأسرية بل لأنه يهدد كيان الأسرة ويجعلها في حالة اضطراب دائم تندر بضياع الأم والأبناء وتشردهم.[25]
بالمقابل ينص العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية وخاصة المادة 23 منه على أن “العائلة هي الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ’ ولها الحق في التمتع بحماية المجتمع ’ ولها الحق في التمتع بحماية المجتمع والدولة …”.
أما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة فقد نصت على إلغاء التمييز ضد المرأة ورفاهية الأسرة وأشادت بدور المرأة العظيم في بناء الأسرة وبناء المجتمع، لذلك فقد أكدت على ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق المتعلقة بالعلاقات الأسرية ومن ضمنها ما يتعلق بانحلال الرابطة الزوجية .[26]
وهذا ما أثر على المشرع المغربي بشكل كبير حيث نجده يتراجع عند وضعه لمدونة الأسرة عن هذه الإرادة المنفرة للرجل في إيقاع الطلاق ويمتع المرأة في حقها هي الأخرى بإيقاع الطلاق إلى جانب الرجل، وهدا ما يتبين جليا من خلال المادة 78 من مدونة الأسرة التي جاء فيها ” الطلاق حق يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه وتحت مراقبة القضاء”.
فهذا النص جعل من ممارسة الطلاق حق للزوجين معا بعدما كان حكرا على الزوج فقط ، وأوكل مهمة الإذن به للقضاء .[27]
وما يمكن قوله أخيرا هو أن المساواة في هذا الحق غير تامة لأن مراقبة القضاء للطلاق لا تعني مطلقا أنها تملك الصلاحية لرفضه أو تحكم به، فبمجرد أن الزوج يقوم بجميع الإجراءات المسطرية والقانونية للطلاق فالمحكمة تأذن للزوج بالطلاق فهي لا تراقب أسبابه حتى تحكم له به أو تمنعه منه.
الفقرة الثانية : مظاهر الازدواجية المرجعية في الطلاق الإتفاقي
للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بمقابل، وهو ما يعرف في الشريعة الإسلامية بالطلاق الخلعي.[28] فقد جاءت مدونة الأسرة بنظام التراضي بين الزوجين على إنهاء الرابطة الزوجية بينهما، في القسم الخامس، الباب الثاني من المدونة باسم الطلاق بالاتفاق أو بالخلع، من أجل توسيع إرادة الزوجين عند الطلاق، وإن كان الطلاق الخلعي قد تم التنصيص عليه في مدونة الأحوال الشخصية إلا أن مدونة الأسرة أدخلت عليه مجموعة من التعديلات في إطار الاعتراف للزوجين بحرية أكبر لتنظيم اتفاقهما في إطار احترام أحكام مدونة الأسرة حيث منحت للزوجين و سيلتين لإنهاء علاقتهمابالتراضي فيما بينهما، فقد يتفق الزوجين على الطلاق بمقابل مادي تدفعه الزوجة للزوج من أجل حصولها على الطلاق و قد يقتصر الاتفاق على التراضي فقط بينهما على إنهاء العلاقة الزوجية التي بينهما و هو ما يسمى بالطلاق الاتفاقي، و الأصل في كل عقد تم بإرادتين أن ينتهي كذلك، إذا ما اتفق المتعاقدان على إنهاء ما تعاقدا عليه، و الشريعة الإسلامية و إن جعلت الأصل في إنهاء الحياة الزوجية بالطلاق الذي يوقعه الزوج بإرادته المنفردة، فإنها لم تغفل جانب المرأة في هذا الموضوع الخطير الذي يتصل بحياتها، فأعطت لها الحق في الخلع.[29]
ولا خلاف بين المسلمين على من أراد أن يخالع امرأة على عوض فذلك جائز له، إذا خيف عدم إقامة حدود الله بينهما، أما الخلاف بين الفقهاء فهو حول جواز أخد المال من الزوجة هل هو مشروط أم غير مشروط؟
وبهذا يمكن للزوجين في ظل الشريعة الإسلامية، الاتفاق على الطلاق بينهما واللجوء إلى الطلاق أو الخلع بدون عوض، على انه إذا ما أرادت الزوجة تعويض الزوج عن الضرر الذي من الممكن أن يلحقه جرأ فسخ عقد الطلاق فإن لها و في إطار الاتفاق دائما أن تدفع له العوض على الطلاق، حسب القاعدة الشرعية التي تقضي بأنه “لا ضرر ولا ضرار”.
مما يعني أن الشريعة الإسلامية أقرت الطلاق بالاتفاق بين الزوجين، سواء تعلق الأمر بالطلاق بالاتفاق بدون مقابل والذي يعتبر استثناء أو الخلع الذي يتم بتراضي الزوجين أصلا، فإذا لم يتم التراضي بينهما، فللقاضي إلزام الزوج بالخلع وبهذا نصت مدونة الأسرة “للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بالخلع طبقا لأحكام المادة 114”[30]
إذ للزوجين التراضي على إنهاء العلاقة الزوجية مع أداء الزوجة للزوج مبلغا من المال أو كل ما صح الالتزام به شرعا، مع مراعاة عدم التعسف و المغالاة في المبلغ الذي تمت المخالعة به، حيث نصت المادة 118 على أن “كل ما صح الالتزام به شرعا، صلح أن يكون بدلا في الخلع، دون تعسف ولا مغالاة، “فالخلع لا يتم به إذا صدر الإيجاب من الزوجة بالطلاق وفق مقابل تدفعه له و قبول من الزوج، فهو عقد معاوضة يمنح فيه الزوج الطلاق الذي يملكه و تمنح الزوجة المقابل المالي، و قد أباح الإسلام للزوجين إذا اتفقا على إنهاء الحياة الزوجية بينهما أن تدفع الزوجة لزوجها مبلغا من المال لا يتجاوز ما ساقه إليها من المهر.
ولاعتبار الطلاق بالتراضي طلاقا خلعا يجب أن تتوفر فيه شروط من قبيل أن يكون الخلع بطلب من الزوجة و أن يتم بالتراضي بين الزوجين على المخالعة بأن ترضى الزوجة بدفع البدل و يرضى الزوج بالخلع و بالبدل، ولابد فيه من مقابل تدفعه الزوجة لزوجها و إلا كان طلاقا.
فغياب توفر أحد هذه الشروط ينزع عن الطلاق الخلعي أو بالمقابل صفته، ويجعله طلاقا صرفا، وذلك حسب مذهبنا المالكي الذي يعتبر الخلع طلاقا بعوض.[31]
فالمشرع المغربي وإن سمح للزوجين بالتراضي على المقابل، فإنه احتاط لتعسف الزوج في ممارسة حقه في الطلاق والمغالاة في المقابل، فجعل الاتفاق على المقابل بين الزوجين مقيد بشروط، كما وضع معايير يجب على القاضي مراعاتها.
حيث نصت المادة 120 على أنه “إذا اتفق الزوجان على مبدأ الخلع، واختلفا في المقابل …، حكمت المحكمة بنفاذ الخلع بعد تقدير مقابله مراعية في ذلك مبلغ الصداق، وفترة الزواج، وأسباب طلب الخلع، والحالة المادية للزوجة”
واحتاط المشرع لحماية الزوجة القاصرة فقام بالنص “على المحكمة أن تراعي مصلحتها عند تقدير بدل الخلع “,هذه المعايير يجب مراعاتها من قبل المحكمة حتى بعد الاتفاق على المقابل. وإذا كانت الزوجة يحق لها أن تتنازل عن كافة حقوقها المالية الشرعية من نفقة و متعة و مؤخر الصداق، فإنه لا يمكن لها أن يشمل التنازل، عن حقوق أطفالها و التخلي عن حضانتهم و نفقتهم و غيرها، لأنها ليست حقوقا خاصة بها، و هذا ما نصت عليه المادة 119 إذ “لا يجوز الخلع بشيء تعلق به حق الأطفال أو نفقتهم إذا كانت الأم معسرة، و إذا أعسرت الأم المختلعة بنفقة أطفالها وجبت النفقة على أبيهم دون مساس بحقه في الرجوع عليها” الأمر الذي يوضح أنه في ظل هذه المقتضيات لا يمكن الحديث عن إرادة حرة في الاتفاق بخلاف الطلاق الاتفاقي، الذي يستلزم أن يكون الاتفاق حر بين الزوجين، و إن كانت هذه الحرية نسبية لخضوعها لمراقبة القضاء.
مما يوضح لنا أن المشروع المغربي نص من خلال الفصلين 114 و 115 على نظام التراضي على الطلاق، حيث يحق فيه للزوجين التراضي على إنهاء العلاقة الزوجية، بدون مقابل و هو الطلاق الاتفاقي، أو بمقابل، لكن مع احترام المقتضيات التي نصت عليها مدونة الأسرة في أحكام الخلع، و يؤكد ذلك الاختلاف الموجود بين مؤسسة الطلاق الخلعي و الطلاق الاتفاقي من حيث الأهداف و المبادئ التي ينبني عليها كل واحد منهما، و أن اعتبار الطلاق الاتفاقي نوع من أنواع الطلاق الخلعي سيؤدي إلى إفراغ هذه المؤسسة من الهدف المتوخى منها، على أن إحالة مدونة الأسرة في الفصل 115 على أحكام المادة 114 إنما للمسطرة المتبعة في حالة التراضي بين الزوجين على الخلع، إذ يجب على الزوجين أن يقدمان طلب التطليق للمحكمة مرفقا به للإذن بتوثيقه.
كما أن معظم تشريعات الغربية لم تعتبر الاتفاق على الطلاق بمقابل كحالة من حالات اللجوء إلى مسطرة الطلاق، وإنما تم التنصيص على الطلاق الاتفاقي. لكن هل يعني هذا أنه لا يمكن لهذه الأنظمة الاعتراف بهذا النوع من الاتفاق بين المغاربة في المهجر؟
باستقرائنا لمقتضيات بعض التشريعات الغربية و على الأخص التشريع البلجيكي نجده يمنح حرية مطلقة لإرادة الزوجين في الاتفاق على الطلاق ولا يوجد ما يمنع الطرفين من الاتفاق على المقابل في الطلاق، بل إن القانون المدني البلجيكي يستلزم من الزوجين عند الطلاق تحديد اتفاق مسبق بينهما يتم فيه التراضي حول كافة النقط التي من الممكن أن تثير نزاعا بينهما ومن بين العناصر التي تجب الاتفاق عليها ما يرتبط بقسمة الأموال والممتلكات المشتركة بينهما[32] و تحديد النسبة المتفق عليها لكل واحد من الزوجين، فقد يتنازل أحد الطرفين عن حصته كاملة أو قد يقبل بحصة أقل من الطرف الآخر، فكل ما يشترطه المشرع البلجيكي هو أن يكون الاتفاق بناءً على الإرادة الحرة للزوجين.[33]
المبحث الثاني: آثار الازدواجية المرجعية على الروابط الأسرية
تقوم العلاقة بين الزوجين على أساس أنها حق يقابله واجب فللزوج حقوق على زوجته وعليه لها واجبات، وبذلك تقوم الحياة الزوجية على تواعد الاحترام والمودة حتى يكتب لها الدوام والاستمرارية.
ولا شك أن قيام العلاقة الزوجية يرتب مجموع من الاثار في مواجهة كلا الطرفين. إلا أن هذه الاثار يقابلها تصادما في تحديد أحكامها بين مرجعيتين أحدهما، إسلامية والأخرى تنادي بفصل الدين عن الدولة (علمانية).
وسوف نحاول في هذا المبحث أن نتناول اثار هذه الازدواجية المرجعية على الروابط الأسرية حيث سنخصص المطلب الأول للحديث عن هذه الاثار في ما يخص الزواج. أما المطلب الثاني فسوف نتركه للحديث عن هذه الاثار بالنسبة للانحلال ميثاق الزوجية.
المطلب الأول: آثار الازدواجية المرجعية على للزواج
لا شك أن للزواج اثار تترتب عليه جراء قيام العلاقة الزوجية، الا أن هذه الاثار تعرف اختلافا وتناقضا. نظرا لتعدد المرجعيات وضغوطات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وبما أن المغرب بلد اسلامي كما جاء في الدستور، إلا أنه يتبنى مواقف علمانية في تنظيمه للروابط الاسرية بناء على انفتاحه على المحيط الدولي. ولما كان النسب والارث من أهم الاثار المترتبة على الزواج فإنه يعرف تصادما في تنظيم أحكامه بين مرجعية تعتمد على الشريعة الاسلامية ومرجعية تتبنى مواقف علمانية. [34]
ولتبيان هذا الخلاف بين هذه المرجعيات سوف نأخذ النسب والميراث كنموذجين لدراسة هدا الاختلاف بين هذه الازدواجية المرجعية. وسوف على النسب في (فقرة اولى) والميراث في (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: آثار الازدواجية المرجعية على النسب
يعرف النسب اصطلاحا بالقرابة والاتصال بين انسانين بالإشتراك في ولادة قريبة أو بعيدة. [35]
فالنسب يعتبر أول تمرة من ثمرات الزواج. فالحمل والولادة في النتائج الطبيعية والشرعية للعلاقة الزوجية التي تربط كلا من الزوجين برباط الألفة والمودة والرحمة. وتزداد هذه الرابطة قوة ومتانة بالولد الذي هو ثمرة الزواج فالنسب لحمة شرعية بين الاب وولده تنتقل من السلف إلى الخلف [36] ، وتعتبر البنوة بالنسبة للأب والأم شرعية إلى أن يتبين العكس[37].
أما إثبات النسب فإنه يثبت بالفراش أو بإقرار الاب أو بشهادة عدلين أو بينة السماع وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية طبقا لما جاء في المادة 158 من مدونة الاسرة.
كما أن القانون المغربي والفقه الاسلامي على حد السواء، لا يعترف إلا بالأسرة الناتجة عن عقد زواج بل أكثر من ذلك فهو يقرر عقوبة جنائية لكل اتصال بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زواج. هذا على الأقل من الناحية التشريعية والنظرية وإن كان الواقع يؤكد تأثر الحياة الاجتماعية المغربية بمثيلتها في الغرب.
وعليه فإن مسألة نسب الأطفال قد اثارت العديد من النقاشات والنزاعات على العديد من المستويات وخاصة في مجال القانون الواجب التطبيق عليه. فهناك من الدول من اعتمد القانون الوطني للطفل ومنها من اهتم بمصلحة الطفل الفضلى كمعيار موضوعي يعطي الاختصاص للقانون الذي يحقق أفضل حماية له. وهناك أيضا معيار الاقامة الاعتيادية للطفل وهو السائد حاليا في العديد من الدول وهناك معايير أخرى كقانون الموطن المشترك.[38]
ولقد سبق القول أن النسب هو رابطة قانونية أي لحمة شرعية بين الأب وولده، حسب ما نصت عليه المادة 150 من مدونة الأسرة، فإذا كان الاب والأم مرتبطين برابطة الزوجية وازداد الولد أثناء قيام هذه العلاقة أو داخل أجل حددها القانون سمى النسب شرعيا، أما إذا لم يكونا مرتبطين برابطة الزوجية سمى النسب طبيعيا أو غير شرعي، وهناك يختلف الأمر بين التشريعات حول إمكانية، انتساب الابن إلى أبيه بغض النظر عن انتسابه لأمه.
حيث نجد في هذه المسألة تباين موقف كل من النظام المغربي ذو المرجعية الاسلامية والأنظمة الأوروبية ذات المرجعية العلمانية في مسألة الإعتراف بالنسب الطبيعي. حيث نجد الدول الأوروبية تفرض مبدأ عدم التمييز بين الأطفال بسبب ولادتهم وبسبب الوضعية القانونية لأباءهم طبقا للمادة الثانية من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 حيث نجد مدونة الأسرة المغربية متمسكة بالمرجعية الاسلامية في مجال النسب الشرعي القائم على الزواج الصحيح [39].
وفي نفس السياق نجد في القانون الفرنسي وخاصة بعد صدور قانون 3 يناير 1972 المعدل للنسب حيث أصبح الطفل الطبيعي المعترف به على قدم المساواة مع الطفل الشرعي فيما يخص الحقوق والواجبات تجاه أمه وأبيه طبقا لمقتضيات الفصل 334 من القانون المدني الفرنسي. أما الطفل غير المعترف به من طرف الخليل وغير المترعرع في بيته، فلا يمكن أن تكون له الحيازة الحالة تجاه منجبه ولكن المعاشرة تسهل على الأقل اثبات هذه الأبوة. كما أنها تسمح للأم الطبيعية أن تطالب بالنفقة من الرجل الذي كان يعاشرها خلال المدة القانونية للحمل طبقا للفصل 342 وما بعده من القانون المدني.
من خلال ما سبق نلاحظ أن مسألة النسب تثير تصادما حادا ما بين القواعد القانونية المغربية ذات المرجعية الإسلامية ونظيرتها الأوروبية ذات المرجعية العلمانية، حيث أن هذه الأخيرة تعتمد على مبادئ حقوق الانسان في منح النسب للطفل وبالتالي إقرار النسب للطفل الطبيعي واثباته بجميع وسائل الاثبات وقد صدر عن المشرع الفرنسي قانون 3-12-2001 الذي يسمح للأطفال الطبيعيين برفع دعوى المطالبة بتأسيس نسبهم تجاه أباءهم عن طريق إضفاء الشرعية عليهم في حالة استحالة الزواج بسبب مانع من موانع الزواج طبقا لما ينص عليه الفصل 333 من القانون المدني.
وبناء على كل ما سبق فإنه يتبين وبكل جلاء أن المشرع المغربي كان وفيا للأحكام الشرعة الإسلامية فيما يتعلق بمسألة النسب وجاء معارضا ومناقضا لبعض التشريعات الغربية العلمانية على الأقل في مسألة النسب ولحوقه.
وهذه حسنة تحسب للمشرع المغربي في المجال الأسري.
الفقرة الثانية: آثار الازدواجية المرجعية على الإرث
قبل ظهور الإسلام كان عرب الجاهلية لا تورث النساء ولا الصبيان من أبناء الميت، وإنما يورثون من يلاقي العدو ويقاتل في الحرب، كما أن المرأة كانت تورث كرها، حيث يأتي الرجل ويلقي ثوبه على وجه المرأة قائلا: ” ورثتها كما ورثت ماله.”، فيكون أحق بها من نفسها أو زواجها لغيره، أو أخذ مهرها أو يحرم عليها الزواج لتفتدي منه نفسها مقابل مبلغ من المال أو تموت فيرثها غير أن الإسلام حرم هذه المعاملة المحطة بكرامة المرأة والمجحفة لحقوقها [40]. كما جاء في قوله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ” [41].
فالإسلام شرع توريث المرأة وبين حقوقها بتفصيل في الإرث بنتا كانت أو أما أو زوجة أو أختا كما جاء في قوله تعالى: ” لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ” [42].
ومن الآثار المترتبة على الزواج التوارث بين الزوجين لأن الزوجية سبب من الأسباب الشرعية للإرث، حيث نصت المدونة أن: ” أسباب الإرث كالزوجية والقرابة أسباب شرعية لا تكتسب بالتزام ولا بوصية …”[43] .
وبالرغم من اعتبار الرابطة الزوجية سببا من أسباب التوارث إلا أن الشريعة الإسلامية منعت التوارث بين المسلم وغير المسلم، حيث نصت المادة 332 من مدونة الأسرة المغربية على أنه لا توارث بين مسلم وغير مسلم “، وهذا ما ذهبت إليه جل التشريعات العربية الإسلامية، فقد نصت المادة 305 من قانون الأحوال الشخصية اليمني على أنه: ” لا توارث بين أهل ملتين “، كما نصت المادة 237 من مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية على أنه: ” لا توارث بين مسلم وغير مسلم”، وفي نفس الاتجاه نصت المادة 6 من قانون الميراث المصري على أنه لا توارث بين مسلم وغير مسلم ” [44] وعلى عكس هذا فالتشريعات الغربية العلمانية تعتبر التوارث بين الزوجين حق بغض النظر عن ديانة الزوجين.
إضافة إلى عدم توارث بين مسلم وغير مسلم، نجد أن مدونة الأسرة أخذت بالشريعة الإسلامية فيما يخص ميراث ابن الزنا، حيث أقرت أن الإرث يتبع النسب وأجمع الجمهور على أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه لحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يرث ” [45]، في حين أن ولد الزنا يرث من أمه فقط كغيره من الأولاد لأنه ولدها ولأنه منسوب إليها والنسب سبب الإرث. فالأم ترث حقها من ولدها ويرثه من يدلون بالأم فقط.
أما التشريعات الغربية العمانية وخاصة المشرع الفرنسي فلم يكن ابن الزنا يتمتع في السابق بالحق في الإرث من عائلة أبيه، بل كان ينظر إليه بنوع من الاحتقار والسخرية بسبب ولادته خارج مؤسسة الزواج، غير أن المشرع الفرنسي تدخل بموجب قانون 3 يناير 1972 لتعديل قواعد النسب، واعتبر ابن الزنا والطفل الشرعي متساويين في الحقوق والواجبات في علاقتهما مع الأبوين [46].
فالنسب الطبيعي لا يترتب عنه حقوق في الإرث إلا إذا اعترف به قانونيا ولم يحصل زواج بين الأب والأم [47]، فابن الزنا أصبح يتمتع بنصيب من تركة أبيه أو أمه الهالكة مع باقي الأولاد الشرعيين [48]، وبالتالي يقصي الحواشي من الإرث، كما أن أب وأم هذا الطفل وباقي الأصول وكذلك إخوانه وأخواته وبعض الحواشي يرثون في ابن الزنا وكأنه طفل شرعي.
وفي الأخير يمكننا القول أنه بالرغم من أن المساواة بين ابن الزنا والطفل الشرعي ليست وليدة هذا العصر بل هي امتداد وتأثر الكثير من القوانين الغربية وتبنيها، إلا أنها تصطدم بالمرجعية الإسلامية.
المطلب الثاني: آثار الازدواجية المرجعية على انحلال ميثاق الزوجية
تقضي المادة 4 من مدونة الأسرة المغربية بأن الزواج ” ميثاق تراضي وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام…”
يتضح من مقتضيات هذا النص أن القصد من الزواج وهو دوام الزوجية واستمرارها غير أن هذه الاستمرارية والديمومة لا تعني خلود هذه الحياة وبقائها إلى الأبد بل يمكن أن تنحل الرابطة الزوجية بسبب الطلاق والذي بدوره يتأثر بازدواجية المرجعيات الدينية والقانونية ولما كانت الحضانة والنفقة من الأهم الآثار المترتبة عن انحلال ميثاق الزوجية سنعمل على عرض أثار الازدواجية المرجعية في كل من الحضانة (فقرة أولى) والنفقة (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: أثار الازدواجية المرجعية على الحضانة
لقد وردة في المادة 163 من مدونة الأسرة المغربية “الحضانة حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه …”
وعرفت الحضانة اصطلاحا هي القيام بتربية الطفل ورعاية شؤونه وتدبير طعامه وملبسه ونومه ممن له حق تربيته شرعا.[49]
الحضانة في الشريعة الإسلامية تجد سندها في قوله تعالى ” قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” [50]
وقال الرسول (ص) “أنت أحق بهم ما لم تتزوجي“[51]
فمن خلال هذه النصوص الشرعية ونصوص أخرى يظهر جليا أن الشريعة الإسلامية اهتمت بالحضانة واعتبرت أن القيام بها من واجبات كل من الأب والأم. وعلى هذا المنوال سارت مدونة الأسرة ونصت عليها من خلال المادة 163″ واعتبرتها من واجبات الزوجين وليس حقا لهما فقط ” أي أنها مسؤولية ملزمة لأن الواجب يلزم’ بينما يمكن تنازل ذي الحق عن حقه.
كما عمل المشرع المغربي على إيلاء أهمية قصوى لموضوع حق الطفل في الحضانة لذلك فقد حظي بمجموعه من الضمانات التي تخول له استيفاء كامل حقوقه والتي تتوافق مع ما جاءت به الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع ومن ذلك:
توحيد سن اختيار المحضون لحاضنه (المادة 166 من المدونة) وذلك انسجاما مع المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ” التي تمنع التميز بين الأطفال لأي سبب كان ” وكذلك أهم ما جاءت به المدونة في هذا المجال خاصة المادة 186 لتي تنص على مراعاة مصالح المحضون في تطبيق مواد مدونة الأسرة المتعلقة بالحضانة ’ وبذلك تكون قد وسعت من صلاحيات القضاء في اتخاذ ما يراه مناسبا في أحكام الحضانة ’ لا تقيده إلا مصلحة المحضون و بإعمال نفس المبدأ قررت المحكمة الابتدائية بالراشدية ما يلي : ” في إطار سلطة المحكمة في تقرير مصلحة المحضون فإنه يتعين الاستجابة للطلب الرامي إلى منح الإذن للمدعية قصد اصطحاب أبنائها إلى محل إقامتها بالديار الفرنسية…بصفتها حاضنة عليهما وتحميل المدعي الصائر[52]”
وفي مقارنتنا في ما أقرت به مدونة الأسرة في مسألة الحضانة نجدها متأثرة بما تقتضيه الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل خاصة المادة 20 التي تنص على ضرورة ضمان الدول الأطراف وفق القوانين الوطنية رعاية بديلة للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة بيئته العائلية ’ ومن بين أشكال الرعاية نصت المادة 9 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على التزام الدول باحترام حق الطفل المنفصل عن والديه أو أحدهما بالاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بكلا والديه إلا إذا تعارض ذلك مع مصالح الطفل الفضلى .
وبهذا يمكن القول أن المدونة أقرت نظاما للمحضون يتماشى ومبادئ هذه الاتفاقية ’ ومن تم يتضح أن أحكام الحضانة في التشريع المغربي بالإضافة إلى طابعها الشرعي وتأثرها بالشريعة الإسلامية فهو كذلك متأثر بشكل كبير باتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نونبر 1989.
الفقرة الثانية: أثار الازدواجية المرجعية على النفقة
تعد النفقة من الحقوق الثابتة للزوجة علي زوجها، مع ما تشمل عليه من سكن و كسوة و طعام، سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية على دوامها، أو بعد انتهائها لمدة معينة، و الدليل على وجوب نفقة الزوجة على زوجها أثناء قيام العلاقة الزوجية لقوله تعالى: ” وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ “.[53]
إذن فحق الزوجة في النفقة، هو حق مالي لصيق بعقد الزواج وهو ما أخذت به المدونة في المادة 187، والتي جعلت من أسباب وجوب النفقة على الغير الزوجية، بعد أن يكون له نفقة نفسه، وأيضا المادة 194 والتي جاء فيها: ” تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء، وكذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها”
وتستمد هذه النصوص مرجعيتها من أحكام الشريعة الإسلامية، حيث يجمع الفقهاء على أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها وإذا امتنع عن الإنفاق يجبره القاضي على ذلك.
وحماية لواجب الإنفاق على الزوجة، منحت مدونة الأسرة هذه الأخيرة حق طلب التطليق في حالة إخلال الزوج بالتزامه سواء بقصد الامتناع أو بدونه عند العجز. ولا يقتصر واجب الانفاق على فترة قيام العلاقة الزوجية فحسب، وإنما يمتد كذلك إلى ما بعد إنهاء هذه العلاقة، فيستمر طيلة مدة هذه العدة، إذ أن نفقة العدة تعد من أهم مستحقات الزوجة حسب ما نصت عليه المادة 84 ” تشمل مستحقات الزوجة: الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة…”، لذلك فهي لا تسقط حتى في حالة انتقال المطلقة رجعيا من بيت عدتها دون موافقة زوجها، إذ أن “المطلقة رجعيا يسقط حقها في السكنى دون النفقة، إذا انتقلت من بيت عدتها دون موافقة زوجها أو دون عذر مقبول”[54]
وما يلاحظ من كل هذه المقتضيات أن مدونة الأسرة استهدفت حماية المرأة والتخفيف عليها من أعباء ما بعد انحلال الرابطة الزوجية ولو لفترة محدودة وهي فترة العدة حتى تتدبر أمورها، خاصة وأن مستحقات المرأة تتعدى النفقة إلى حقوق مالية أخرى.
غير أن أهم ما يمكن أن يناقش في مسألة النفقة هو مدى تحقيق مدونة الأسرة لمبدأ المساواة الذي تنادي به معظم الاتفاقيات الدولية عندما ألزمت الزوج وحده بالإنفاق، ومدى إمكانية إلزام الزوجة بالمساهمة في الأعباء المالية للأسرة، وبعبارة أخرى إذا كان مبدأ المساواة وتحقيق العدل والإنصاف يعد من أهم مميزات المدونة التي حققت توازنا في المراكز القانونية لكل من الزوج والزوجة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا لم يتم مراعاة ذلك فيما يخص واجب الإنفاق الذي تم تحميله للزوج فقط ؟.
ومن وجهة نظر الاتفاقيات الدولية فإن مبدأ المساواة يجب أن يسود كل العلاقات التي تجمع الزوجين، ومن تم فإن القاعدة المعتمدة شرعا والتي تلزم الزوج بالنفقة دون الزوجة لا تنظمها المواثيق الدولية، فالمعتمد عندها هو ضرورة مساهمة كلا الزوجين في أعباء الزوجية وقد ترجمت بعض القوانين المقارنة هذا المبدأ في تشريعاتها الداخلية حيث نجد مثلا المشرع الفرنسي نص في المادة 203 من القانون المدني الفرنسي على أن الزوجين معا يتعهدان بمجرد عقد الزواج بالالتزام بإعالة ورعاية وتربية أبنائهما.
وبخلاف ذلك فإن مدونة الأسرة لا تتضمن مثل هذه المقتضيات اللهم المادة 199 التي تنص على: “إذا عجز الأب كليا أو جزئيا على الإنفاق على أولاده، وكانت الأم موسرة وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب”.
وكما هو واضح فإن هذه المادة لا تساوي بين الزوجين في واجب المساهمة في الأعباء المالية للأسرة، وإنما تجعل مساهمة الزوجة فقط على سبيل الاحتياط متى كان الزوج معسرا وكانت هي ميسورة.[55]
لهذا فقد اعتبر بعض الباحثين أن إلزام الزوج بالنفقة دون الزوجة يدل على استمرار بعض مظاهر اللامساواة داخل المدونة، فرغم أن هذه الأخيرة تجاوزت أصعب الإشكالات المتعلقة بالحقوق المتبادلة بين الزوجين وواجباتهما، وأعادت توزيعها على أساس المساواة، فإنها لم تعمم هذا المبدأ على كل موادها حتى تحقق الانسجام بين كل مقتضياتها.
فإن مقتضيات مدونة الأسرة في هذا الشأن تتناقض مع ما قررته المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي تؤكد على ضرورة اتخاد الدول المصادقة على هذه الاتفاقية لكافة التدابير من أجل ضمان المساواة التامة بين الزوجين في الحقوق والمسؤوليات سواء أثناء الزواج أو بعد إنهائه، ولا يكفي تحفظ المغرب على هذه المادة لتبرير التمييز على مستوى واجب الإنفاق، لأن تحفظ المغرب الذي كان يرمي إلى استبعاد تطبيق المادة 16، كان يهدف كذلك إلى استمرار واجب الزوج بالإنفاق على أساس قوامته وحقه في الطلاق، أما وقد ألغت المدونة حقه في القوامة، وقيدت حقه في إيقاع الطلاق، فإنها تكون قد تجاوزت هذا التحفظ ضمنيا، ومن تم فهو لا يبرر استمرار هذا التمييز.
وعموما فإن مدونة الأسرة وهي تركز على حماية المرأة وضمان حقوقها سقطت في فخ التمييز، لكن ضد الرجل هذه المرة، فأثقلت كاهله بما لا يتوازن مع حقوقه من الناحية القانونية على الأقل وبما أن القضاء المغربي هو الذي يسهر على حسن تطبيق أحكام المدونة، يجب أن يستحضر عند الحكم بالنفقة كمستحق للزوجة بعد إنهاء الرابطة الزوجية.[56]
بالإضافة إلى حق الزوجة في النفقة، نجد أن حق الطفل في النفقة هو الآخر يكتسي أهمية بالغة يستمدها من الطابع المعيشي والاجتماعي الذي يتميز به، فالنفقة كفيلة بحمايته من التشرد والجوع والعري والحرمان، كما أن تمتع الطفل بمجموعة من حقوقه يرتبط ارتباطا وثيقا بها، فلا يمكن أن يتمتع بحقه في الحياة والصحة، والتعليم، والتغذية، إلا بتوفره على حد أدنى من الموارد المادية التي تخول له مستوى معيشي ملائم لبقائه ونموه. لذلك فقد اهتم المجتمع الدولي اهتماما بالغا بضرورة حصول الطفل على مستوى معيشي ملائم لبقائه ونموه حتى يتسنى له التمتع بكافة حقوقه الأخرى.
فنجد إعلان حقوق الطفل لسنة 1959 نص في المبدأ الثاني على “يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة … لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. ”
وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية، كما عالجت اتفاقية حقوق الطفل[57] مشكل حصول الطفل على النفقة واستيفاءه لها من أحد الأبوين أو المسؤول عن الطفل متى امتنع عن أدائها، أو كان موجودا بدولة أخرى غير الدولة التي يعيش فيها الطفل، بحيث يصعب عليه الحصول عليها.
وقد ألزمت الاتفاقية الدولية الطرف باتخاذ كل التدابير المناسبة والتي من شأنها أن تضمن للطفل حصوله على حقه في النفقة، ومن التدابير التي أشارت إليها عقد اتفاقات دولية أو ثنائية تسهل إجراء ات استيفاء النفقة بالخارج وتجدر الإشارة بهذا الصدد إلى أن المغرب حاول معالجة هذا المشكل حتى قبل أن تدخل اتفاقية حقوق الطفل حيز النفاذ سنوات عديدة، حيث صادق على الاتفاقية الدولية المتعلقة باستيفاء واجب النفقة بالخارج [58] .
بالإضافة إلى كل ما سبق، نصت الفقرة الثانية من المادة 26 من اتفاقية حقوق الطفل على أنه ” ينبغي منح الإعانات عند الاقتضاء مع مراعاة موارد وظروف الطفل والأشخاص المسؤولون عن إعالة الطفل، فضلا عن أي اعتبار آخر ذي صلة بطلب يقدم من جانب الطفل أو نيابة عنه للحصول على إعانات”.
وعموما فإن الاتفاقيات أوجبت ضرورة حماية نفقة الطفل وضمان مستوى معيشي ملائم لبقائه ونموه، والمبدأ العام الذي يؤطر ذلك هو تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، مع مراعاة مساواة كل الأطفال في الحصول على هذا الحق، و يبقى السؤال المطروح هو مدى حماية المشرع المغربي لنفقة الطفل على ضوء هذه المبادئ.
ويبدأ حق الطفل في النفقة منذ مرحلة الحمل، ويؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 196 من المدونة التي تنص على أن: “المطلقة طلاقا بائنا إذا كانت حاملا، تستمر نفقتها إلى أن تضع حملها “. فاستحقاق المطلقة طلاقا بائنا للنفقة لم يكن ليكون لولا الحمل، لذلك فهي تفقد الحق في النفقة إن لم تكن حاملا.
وتستمر نفقة الطفل “إلى حين بلوغهم لسن الرشد أو إتمام الخامسة والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته، وفي كل الأحوال لا تسقط نفقة البنت إلا بتوفرها على الكسب أو بوجود نفقتها على الزوج” [59]
وإذا ما عرضنا هذه المقتضيات على أحكام اتفاقية حقوق الطفل نجد أنها تتعارض مع أحد أهم مبادئها وهو مبدأ المساواة بين الأطفال في التمتع بكل الحقوق ومن بينها النفقة.
فالمشرع المغربي من خلال المادة 198 يقيم تمييزا بين الابن و البنت فلا يمنحهما نفس الفرصة في استحقاق النفقة، حيث ينتهي حق الابن في الحصول على النفقة ببلوغه سن الرشد أو في كل الأحوال ببلوغه سن الخامسة و العشرين إذا كان يتابع دراسته، في حين أن البنت ربط انتهاء استحقاقها للنفقة بتوفرها على الكسب أو بزواجها، وقد راعى المشرع بهذا المقتضى خصوصيات المجتمع المغربي، حيث غالبا ما تعيش البنت في كنف أسرتها و تحت رعايتها حتى تنتقل إلى بيت زوجها، مع مراعاة التغيرات التي يعيشها المجتمع حاليا حيث تستقل البنت بنفقة نفسها إذا ما توفرت على الكسب، بعد أن تكون قد بلغت سن الرشد.
خاتمة :
من المعلوم أن كل واقعة في الحياة إلا ولها حكمها الأزلي المعين من المصادر الشرعية أي الكتاب والسنة، فمن غير المقبول إثارة مناقشة هذا الحكم وإمكانية تغييره، وإن اختلف المكان وتطور الزمان هذا ما يقال على النصوص التي تبين الأحكام القطعية بدلالتها اللغوية بمختلف أوجه هذه الدلالة مثل الآيات الخاصة بالإرث وموانع الزواج و العدة.
أما النصوص التي لها أحكام ظنية فيجب تفسيرها وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، إذ يجب ربط هذه الأحكام بجلب المصلحة أو درء المفسدة، الشيء الذي يسمح بربط الاجتهاد بواقع المجتمعات الإنسانية وما تعيشه من مستجدات وتطورات، فاستحضار البعد المقاصدي في العملية الاجتماعية يسمح بتوسيع دائرة الاجتهاد، ويجعله أكثر استيعابا بقضايا العصر ومتغيراته وبالتالي أكثر ضمانة لدوام صلاحية وخلود الدين الإسلامي، لذلك إن الكثير من وقائع الحياة الاجتماعية يتغير مآلها وحكمها من مصلحة إلى مفسدة أو بالعكس بتغيير الظروف و الملابسات المحيطة بها .
ومع العلم أن كل الاجتهادات تبقى ظنية، فمهما اتسع الاطلاع على نصوص الشريعة الإسلامية و تعمق فهمها فإن كل ذلك لا يوصل إلى اليقين، وبالتالي فإن الخطأ يبقى دائما واردا فيها، هذا من جهة ومن جهة أخرى يبقى الاجتهاد مرتبطا بتحقيق مصالح العباد ورعايتها، والعمل على تحقيق التوفيق بينها و بين النصوص الشرعية.
الشيء الذي دفع المشرع المغربي إلى تفعيل آليات الاجتهاد الذي يحقق المساواة و العدل و المعاشرة بالمعروف داخل الأسرة، هذا الاجتهاد الذي روعي فيه الوضعية الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية للمجتمع المغربي.
فمختلف القوانين المرتبطة بالأسرة في أي دولة تقوم على مفاهيم اجتماعية و أخلاقية و دينية تنعكس آثارها على تكوين عقود الزواج و انحلالها، فالأنظمة القانونية الأوروبية تجعل من العهود و المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان القاعدة المؤسسة لصياغة مختلف القوانين المنظمة للأسرة مما أصبح معه من غير المقبول وضع قيود أو ضوابط تحد من حرية الفرد أو تجعل من الدين أو الجنس معيارا للتمييز وذلك بخلاف القانون الأسري المغربي الذي يعير لعامل الدين وللاعتبارات الأخلاقية أهمية بالغة وهذا ما أدى إلى تنافس محتدم بين القوانين حول تحديد الأنسب لحكم الروابط الأسرية و من تم أصبح من اللازم البحث عن صيغ و قواعد مشتركة للتوافق.
الهوامش
———
2 محمد الشافعي ,الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة ,سلسلة البحوث القانونية رقم 22, ط 3,المطبعة و الوراقة الوطنية زنقة أبو عبيدة مراكش ,ص8
[3] أشرف بدوي، أثر الإثفاقيات الدولية على مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاصة، جامعة عبد المالك السعيدي. السنة الجامعية 2006-2007 ص 30
[4] الآية 3 من سورة النساء
[5] الآية 129 من سورة النساء
[6] صلاح الدين زكي، أحكام قانون الأسرة في الفقه الإسلامي، التشريع الوضعي- مطبعة النجاح الجديد الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1985 ص 81-82
[7] علال الفاسي، التقريب – مطبعة الوساطة الرباط. الطبعة الثانية 2000 ص 184
[8] أشرف بدوي، م.س ص 32
[9] أشرف بدوي، مرجع سابق، ص 32
[10] المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
[11] مجلة قضاة محكمة النقض – العدد 80، مطبعة الأمنية الرباط. صفحة 164
[12] سورة الشورى، الآيتين:49-50.
[13] أحمد الخمليشي، من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة، الجزء الأول، الزواج، طبعة:2012، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص:166.
[14] محمد الكشبور الوسيط في شرح مدونة الاحوال الشخصية ص85
[16] محمد الشافعي الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة، ص 66
[17]اشرف بدوي “اثر الاتفاقيات الدولية على مدونة الأسرة ” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص السنة الجامعية 2007_2008 ص18
[18] ابراهيم زعيم “الزواج المختلط ضوابطه وإشكالاته” مقال منشور بمجلة القضاء والقانون العدد 147 ص70
[19] الحسين بلحساني :”أثر اختلاف الدين في الزواج المختلط في النظام المغربي ” مقال منشور بالمجلة المغربية للإقتصاد والقانون العدد 5_2002 ص110
[20] Abderazekmoulay rchid ‘’la condition de la femme au maroc ‘’ thése pour le doctorat d’etat en droit privé soutenu a l’uneversitè mohamed V 1981 p251
[21] الحسين بلحساني:” أثر اللبس المرجعي على وضعية المرأة في النظام القانوني المغربي ” مداخلة في ندوة تحت عنوان “النساء ودولة الحق والقانون” في أشغال الملتقى الدولي المنظم يومي 19و 20 ابريل 2002 بكلية الحقوق السويسي ص 43
[22] الأية 1 من سورة الطلاق
[23] محمد الشافعي مرجع سابق الصفحة 177
[24] اشرف بداوي مرجع سابق ص49
[25] اشرف بداوي مرجع سابق ص50
[26] اشرف بداوي مرجع سابق ص 51
[27] محمد الأزهر شرح مدونة الأسرة ’ مطبعة دار النشر المغربية، الدارالبيضاء ’2006 ص234
[28] الخلع: بدل المرأة العوض علي طلاقها إلا أن اسم الخلع يختص ببدلها له جميع ما اعطاها و الصلح ببعضه و الفدية بأكثره، و المباراة بإسقاطها عنه حق لها عليه.
[29] يقول ابن رشد ” و الفقه أن الفداء (الخلع) إنما جعل للمرأة في مقابل ما بيد الرجل من الطلاق بيد الرجل إذا افررك المرأة جعل الخلع بيد المرأة إذا تركت الرجل ” أبي الوليد: ابن رشد الهيد” بداية المجتهد و نهاية المقتصد” دار الحديث القاهرة ج 2، سنة الطابع 1425ه 201 م ص 68.
[30] المادة 115 من مدونة الأسرة
[31] أشرف بدوي، ورجع سابق ص 24-25
[32] الفقرة الثانية من الفصل 1287 من التقنين القضائي البلجيكي.
[33] http://www.notaire.be-info-divorces
[34] محمد الأزهر. مرجع سابق. ص219.
[35] محمد الشافعي مرجع سابق. ص 155
[36] المادة 150 من مدونة الأسرة
[37] المادة 143 من مدونة الأسرة
[38] أشرف بداوي. مرجع سابق ص43.
[39] أشرف بداوي. مرجع سابق ص44
[40] محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة. مرجع سابق ص 124-124
[41] الآية 19 من سورة النساء
[42] الآية 7 من سورة النساء
[43] المادة 329 من مدونة الأسرة
[44] جمال الخمار، أحكام الميراث في الزواج المختلط، مقارنة تشريعية قضائية فقهية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول وجدة. السنة الجامعية 2012-2013 ، ص 133
[45] الحسن بن أحمد الرباعي ، فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار دار عالم الفوائد الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1427هـ الجزء 3 ص 1366
[46] محمد الشافعي، مرجع سابق، ص 116
[47] الفصل 758 من القانون المدني الفرنسي.
[48] محمد الشافعي، مرجع سابق، ص 116
[49] محمد الأزهر مرجع سابق، ص 236
[50] الأية 24 من سورة الإسراء
[51] أخرجه أحمد أبو داوود والبيهقي
[52] حكم رقم 525 صادر بتاريخ 8-12-2005 ملف رقم 305\32-35 الصادر عن المحكمة الابتدائية بالراشدية ’ منشور بمجلة قضاء الأسرة المغربية، ص من 186 إلى 190
[53] سورة البقرة الآية 231
[54] المادة 196 من مدونة الأسرة
[55] التهامي القائدي، “قراءة نقدية لبعض فصول مدونة الأسرة “مقال منشور بمجلة البحوث، العدد 5، 2006، ص 59
[56] أشرف بداوي مرجع سابق ص 81
[57] الفقرة 4 من المادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل
[58] ظهير شريف رقم 1.99.338 في المصادقة على انخراط المغرب في الاتفاقية الدولية المتعلقة باستيفاء النفقة بالخرج، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2467 بتاريخ 5 فبراير 1960
[59] المادة 198 من اتفاقية حقوق الطفل.
يوليو 30, 2020 0
يونيو 20, 2020 0
ديسمبر 24, 2019 0
أبريل 18, 2018 0
مايو 29, 2023 0
مارس 12, 2022 0
أكتوبر 29, 2021 0
نوفمبر 23, 2020 0