أكدت معظم التشریعات القانونیة وبشكل واضح على حریة الفرد وحرمة مسكنه وعدم المساس بھا دون إذن أو مسوغ شرعي وبالصیغ المنصوص علیھا في القوانین المرئیة ولم تجز الخروج عن ذلك إلا في نطاق ضیق وضمن حالات استثنائیة.
وحریة الإنسان الشخصیة یمكن النظر إلیھا من عدة جوانب ، إذ یمكن أن تعني من جانب أول حریة التنقل والحركة وحریة الفكر والعقيدة ، كما یمكن وصفھا من جانب آخر بأنھا الحق في الأمن والسكینة وما یتفرع عنھا من صیانة مختلف جوانب الحریات والحقوق الأخرى من صیانة العرض والاعتبار وصیانة الأسرار والمسكن وحریة المال ، وھذا ما دعا الدول إلى السھر على صیانة حقوق الإنسان إذا ما تعرضت إلى أي اعتداء وذلك تأكیدا لسمو الحیاة الاجتماعیة وضمانا لاستمراریتھا.
و يعتبر العمـل الإجرائي هو نوعا التنسيق بين مصلحة المجتمع في القصاص من مرتكبي الجـرائم و مصـلحة الفرد في صيانة حقوقه الأساسية في الحرية و السكينة و حرمة المسكن، و بصدور الإعلان العـالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 ،أصبحت حرية الإنسان و حرمة حياته الشخصية من أهم الحقـوق التـي تتمتع بقدر عالي من الاحترام .
و لكن في المقابل، فان اخطر الإجراءات الماسة بحقوق الإنسان، من حيث تعلقها بحرية الفرد و سكينته و كذا من حيث وجوب إقرار حق المجتمع في اللجوء إليه و كذا ما يسفر عنـه مـن أدلـة تكشف وجه التحقيق هو إجراء التفتيش، و حقيقة الأمر انه لا يمكن أن يشـعر الإنسـان بالحريـة إذا أصبح مهددا في سره و حرمته ,لذلك حق الإنسان في الاحتفاظ بسره و حرمة مسكنه هو الأصل، ومن ثمة فان ما يرد عليها يعتبر استثناءا، و من هنا تبرز خطورة هذه القيود في أنها تمنح السلطة القضائية حقوقا تمارسها في مواجهة الأفراد الذين لا يملكون مقاومة التفتيش .
و تظھر أھمیة التفتیش في كونه إجراء تحقیقي تتولاه سلطة مختصة للبحث عن أدلة الجریمة وجمعھا ھادفا من ذلك الكشف عن جریمة في محل خاص یتمتع بالحرمة دون اعتبار لإرادة صاحبه أي سواء رضي أم لم یرضى.
وتكمن إشكالیة البحث في بیان مدى كفایة نصوص القانون في توفير الضمانات اللازمة لضمان عدم المساس بالحریة الشخصية للإنسان في حالة لجوء الجھات التحقیقیة إلى استخدام ھذا الإجراء التحقیقي.
وبهذا ارتأينا تقسم هذا الموضوع إلى مبحثين:
المطلب الثاني: جزاء الإخلال بالقواعد المتعلقة بالتفتيش
