ديسمبر 26, 2017 محمد الامام العزاوي مقالات قانونية 0
تنتهي الصفقة العمومية بانقضاء موضوعها أو محلها، و إما بتنفيذها من قبل الأطراف المتعاقدة أو بانتهاء مدتها، وتمتد مسؤولية المتعاقد إلى ما بعد نهاية الصفقة، ونظرا لأهمية مرحلة نهاية الصفقة حاول المشرع المغربي تنظيمها بموجب دفتر الشروط الإدارية العامة وقسمها إلى مرحلتين، مرحلة التسليم المؤقت، ومرحلة التسليم النهائي، وكل مرحلة يترتب عنها آثار، و يمكن للصفقة أن تنتهي نهاية غير عادية، أي قبل موعدها المحدد و قبل المدة المتفق عليها في دفتر الشروط الإدارية الخاصة والمتعاقد معها بين الإدارة و المتعاقد معها، وقد تكون هذه النهاية إما باتفاق الطرفين، الإدارة والمتعاقد معها أو بقوة القانون، أو بقرار من الإدارة، أو بطلب من صاحب الصفقة. ومنه سنحاول مقاربة النهاية العادية للصفقة في »الفرع الأول « على أن نخصص »الفرع الثاني « لنهاية الصفقة بطريقة غير عادية.
في إطار دراستنا لنهاية الصفقات العمومية سنشتغل على مقتضيات دفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال الصادر بتاريخ 13 ماي 2016.
الفرع الأول: النهاية العادية لمرحلة تنفيذ للصفقات العمومية.
تنتهي مرحلة تنفيذ الصفقة بصورة عادية في حالة التسليم المؤقت للأشغال والدي يمثل نقطة انطلاق الالتزام بالضمان التعاقدي حيث تبقى مسؤولية المقاول قائمة ويظل ملتزما بإصلاح العيوب التي يمكن أن تظهر بعد تسليم المنشآت إلى الإدارة صاحبة المشروع، كما تنتهي الصفقة كذلك في حالة التسليم النهائي للأشغال أي بعد انصرام مدة الضمان ، ويعتبر التسليم النهائي للأشغال بمثابة شهادة اعتراف بوفاء المقاول بالتزاماته. ومنه سنتطرق في »الفقرة الأولى «إلى إجراءات وآثار التسليم المؤقت للصفقة العمومية على أن نخصص »الفقرة الثانية « للتسليم النهائي للصفقة العمومية وآثارها.
الفقرة الأولى: إجراءات وآثار التسليم المؤقت للصفقة العمومية.
تظل مسؤولية المقاول قائمة حتى بعد قيامه بالتسليم المؤقت للأشغال موضوع الصفقة، فهو يبقى ملتزما بإصلاح الاختلالات التي يمكن أن تظهر بعد التسليم المؤقت للأشغال، أي المقاول يتقيد بالتزام يدعى التزام الإنهاء التام، ومنه يمكننا أن نتساءل عن إجراءات وآثار التسليم المؤقت للأشغال المنصوص عليها في دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال الصادر بتاريخ 13 ماي2016 .
أولا: إجراءات التسليم المؤقت للأشغال.
لا يتم تسليم المنشآت إلا بعد خضوعها لعمليات المراقبة المتعلقة بمطابقة الأشغال لمجموع التزامات الصفقة، ولاسيما للمواصفات التقنية.
ويشعر المقاول صاحب المشروع كتابة بانتهاء الأشغال، حيث يقوم هدا الأخير بتعيين الشخص أو الأشخاص لإجراء العمليات التي تسبق تسلم المنشآت مع تحديد التاريخ للقيام بها، ويجب أن يكون هدا التاريخ داخل أجل 10 أيام يحسب من تاريخ تسلم الإشعار، ويقوم صاحب المشروع باستدعاء المقاول.
و يتم القيام بالعمليات السابقة للتسلم من طرف الشخص أو الأشخاص الدين عينهم صاحب المشروع بحضور المقاول، وفي حالة غياب هدا الأخير تتم الإشارة إلى دلك في المحضر الذي يبلغ إليه .
وتشتمل العمليات السابقة على التسليم المؤقت للأشغال على مايلي:
1: التعرف على المنشآت المنفذة لموضوع الصفقة.
2 : القيام عند الاقتضاء بالتجارب المنصوص عليها في دفتر الشروط المشتركة أو دفتر الشروط الخاصة.
3 : التأكد المحتمل من عدم تنفيذ الأعمال المقررة في الصفقة.
4: التأكد المحتمل من وجود شوائب أو عيوب في المنشآت.
5: معاينة سحب التجهيزات من الورش و إعادة الأراضي و الأماكن المستغلة إلى حالتها قبل تنفيذ الأشغال حيث قد تتغير معالم الأماكن المحتلة من قبل المقاول بفعل عمليات البناء و الحفر.
6: تسليم صاحب المشروع تصاميم المنشآت مطابقة لتنفيذ الأشغال وفق الشروط المحددة في دفتر الشروط المشتركة أو دفتر الشروط الخاصة.
وعلى إثر القيام بهده العمليات السابقة يمكن أن تحدث ثلاثة وضعيات:
إما أن تكون الأشغال مطابقة لبنود دفتر الشروط الخاصة، في هده الحالة يصرح الشخص أو الأشخاص الدين عينهم صاحب المشروع بالتسلم المؤقت للأشغال، ويصبح ساري المفعول بتاريخ إخطار المقاول بانتهاء الأشغال، ويتم تحرير محضر يوقعه كل من المقاول و الأشخاص الدين عينهم صاحب المشروع لمعاينة انتهاء الأشغال وتسلم إلى المقاول نسخة من هدا المحضر.
و في حالة ادا تبين أن بعض الأعمال المنصوص عليها في الصفقة تتضمن خللا أو عيوبا أو تتطلب تدخلات لإنهائها، يقوم الشخص أو الأشخاص المعينون لمعاينة تنفيذ الصفقة بإعداد تقرير يبين الاختلالات أو العيوب التي تمت معاينتها ويوقعونه ويسلمونه إلى صاحب المشروع، ويعمل هدا الأخير على تسليم المقاول أمرا بالخدمة يبين فيه الاختلالات و العيوب المعاينة ويحدد له أجلا لهده الغاية حسب أهمية الاختلالات والعيوب من أجل إصلاحها، وبعد إصلاح الاختلالات في الآجال المحدد يقوم المقاول بإخبار صاحب المشروع كتابة ودلك للقيام بالتسلم المؤقت للأشغال، ويتوفر هدا الأخير على أجل 15 يوما لقيام الشخص أو الأشخاص المعينين من المراقبات الضرورية لمعاينة إصلاح الاختلالات المشار إليها في التقرير، وفي حالة إصلاح الاختلالات، يصرح الشخص أو الأشخاص المعينون بالتسلم المؤقت للأشغال ويسري ابتداء من تاريخ أخر إخبار بعته المقاول، وفي الحالة المعاكسة يقوم صاحب المشروع بتطبيق على المقاول الإجراءات القسرية الواردة في المادة 79 من دفتر الشروط الادارية العامة المطبق على صفقات الأشغال.
وتجدر الإشارة إلى أن كل حيازة للمنشات ممن قبل صاحب المشروع يجب أن تسبقها عملية التسلم، غير أنه في حالة الاستعجال يمكن حيازة المنشات قبل تسلمها بشرط الإعداد المسبق لبيان حضوري للاماكن، وفي هده الحالة على صاحب المشروع أن يصرح في اقرب اجل ممكن عن التسلم المؤقت لها وفق الشروط الواردة في المادة 73 من المرسوم .
ثانيا: آثار التسليم المؤقت للأشغال.
حدد دفتر الشروط الادارية العامة بموجب المادة 73 الآثار المترتبة عن التسليم المؤقت للمشروع،
و أهمها بداية احتساب أجل الضمان التعاقدي وهي المدة الفاصلة بين التسليم المؤقت و النهائي تتحدد في 12 شهرا تحتسب ابتداء من التاريخ التسلم المؤقت للأشغال ما عدا ادا نص دفتر الشروط الخاصة على خلاف دلك، فخلال هذه الفترة يبقى المقاول مسؤولا مسؤولية تامة وكاملة عن العيوب التي تلحق بالمنشآت المنجزة، ويمكن كذلك لصاحب المشروع أن يأذن للمقاول بالاحتفاظ في موقع الورش، إلى غاية نهاية اجل الضمان بجميع التجهيزات و التوريدات والأدوات والمواد والمنشآت المؤقتة التي يحتاج إليها للقيام بالتزاماته خلال مدة الضمان ، حيث يتقيد المقاول خلال أجل الضمان بالتزام يدعى »التزام الإنهاء التام « وطبقا لهدا الالتزام يتعين على المقاول القيام تحث نفقته بتدارك جميع الاختلالات أو العيوب التي أشار إليها صاحب المشروع،والقيام عند الاقتضاء بالأشغال التكميلية أو التعديلية التي يعتبرها صاحب المشروع ضرورية والتي تقدم بها خلال فترة الضمان.
يمكن لصاحب المشروع، وفي أي وقت خلال فترة الضمان، أن يرسل إلى المقاول لوائح مفصلة بالاختلالات والعيوب المعاينة، باستثناء تلك الناتجة عن الاستعمال العادي أو الشطط في الاستعمال أو الأضرار الناتجة عن الغير، بحيث لا يتحمل المقاول النفقات المتعلقة بالأشغال التي يأمر بها صاحب المشروع والتي يكون موضوعها معالجة الاختلالات أو العيوب المعاينة إلا إدا كانت هده الأخيرة ناتجة عنه.
ويتعين على المقاول إصلاح الاختلالات والعيوب التي عاينها صاحب المشروع خلال الشهر الأخير من اجل الضمان في اجل يحدده هدا الأخير بأمر بالخدمة، غير أنه لا يجوز أن يتجاوز الأجل المحدد لهدا الغرض مدة شهرين بعد انتهاء أجل الضمان.
وفي حالة قيام المقاول بإصلاح الاختلالات والعيوب المسجلة طبقا لبنود الصفقة، يعلن الشخص أو الأشخاص الدين عينهم صاحب المشروع التسلم النهائي للأشغال ودلك بعد التحقق من الإصلاح، وادا انتهى أجل الضمان ولم يقم المقاول بإصلاح الاختلالات والعيوب تطبق الإجراءات القسرية الواردة في المادة 79 من دفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال.
وتجدر الإشارة، إلى أنه لا يشمل التزام المقاول بإنجاز أشغال التزام الانتهاء التام على نفقته الأشغال الضرورية المتعلقة بتدارك تأثيرات الاستعمال أو التآكل العادي وتؤول عمليات النظافة والصيانة العادية للمنشأة إلى صاحب المشروع .
ومرحلة التسليم المؤقت تمكن صاحب المشروع من الحكم على صلاحية الأشغال وخلوها من العيوب و الاختلالات وتبقى هذه الأخيرة قائمة حتى ولو أن صاحب المشروع تسلم المنشآت بدون تحفظ أي هي أن المقاول لا يتحرر من التزاماته تجاهها إلا بالنسبة للمخالفة المرتكبة من طرف الإدارة أو في حالة القوة القاهرة.
ومن جهة أخرى فهو يرتب نتيجة عملية تتمثل في تحويل الملكية لصاحب المشروع وتحمله المخاطر الناتجة عنها، رغم بقاء مسؤولية المقاول قائمة ، وتجب الإشارة إلى أنه إدا نص دفتر الشروط الخاصة على دلك يمكن القيام بتسلم مؤقت جزئي مقرون بالحيازة بالنسبة للمنشآت أو أجزء المنشآت التي تم تحديد أجل لإنهائها، وفي هده الحالة يسري أجل الضمان بالنسبة للمنشآت أو جزء منها التي تم تسلمها مؤقتا وجزئيا ابتداء من التاريخ الفعلي لتسلمها مؤقتا وجزئيا، ويشكل أخر تسلم جزئي ونهائي للمنشآت أجزاء منها التسلم النهائي للصفقة ، وبعد انتهاء فترة التسليم المؤقت “فترة الضمان” تبدأ عملية أخرى هي عملية التسليم النهائي التي تبتدئ انطلاقا من نهاية الضمان.ومنه سنقارب مرحلة التسليم النهائي للأشغال وآثاره في »الفقرة الثانية « .
الفقرة الثانية: التسليم النهائي للصفقة العمومية و أثاره .
تتم عملية التسليم النهائي للمنشآت موضوع الصفقة بعد انصرام مدة الضمان وما واكبها من إصلاحات والتي يكون قد أوفى والتزم المقاول بإنهائها التام لذلك يمكن أن نعتبر التسليم النهائي بمثابة شهادة اعتراف بوفاء المقاول بكل التزاماته.
يشكل التسلم النهائي للأشغال نهاية تنفيذ الصفقة بطريقة عادية ويبرئ المقاول من كل التزاماته تجاه صاحب المشروع، حيث يطلب المقاول كتابة من صاحب المشروع خلال 20 يوما على أبعد تقدير قبل انتهاء أجل الضمان الذي حدد في 12 شهرا كما تم التنصيص عليه في المادة 75 من دفتر الشروط الادارية العامة القيام بالتسلم النهائي للأشغال .
ويمكن لصاحب المشروع أن يعين شخصا أو أشخاصا للقيام بالتسلم النهائي للأشغال خلال أجل أقصاه 10 أيام بعد انتهاء أجل الضمان ويتم استدعاء المقاول لهده الغاية.
وبالتالي يتم التصريح من جانب صاحب المشروع بالتسلم النهائي للأشغال من المقاول في الحالات التالية:
إدا أوفى في تاريخ التسلم النهائي للأشغال بجميع التزاماته اتجاه صاحب المشروع.
أثبت دفع التعويضات التي قد يكون مدينا بها، تطبيقا للقانون المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو الاحتلال المؤقت رقم 81-7، بسبب الأضرار الملحقة بالأملاك الخاصة عند تنفيذ الأشغال.
إدا سلم فعلا تصاميم جرد المنشآت المنفذة.
ويؤدي التسلم النهائي للأشغال إلى تحرير محضر يوقعه الشخص أو الأشخاص الدين عينهم صاحب المشروع والمقاول وعند الاقتضاء المشرف على الأشغال، وتسلم نسخة من المحضر لفائدة المقاول أو المكلف من طرف المقاول بالإشراف على الأشغال .
ويرتب التسلم النهائي للأشغال موضوع الصفقة آثارا تتجلى في:
1: انتهاء مسؤولية صاحب المشروع من الالتزام بأي تعويض لم يطالب به المتعاقد قبل فترة التسلم النهائي للأشغال عملا بمبدأ استقرار المعاملات الذي يجد سنده في القانون الخاص.
2: انتقال المنشآت أو البناية إلى إشراف صاحب المشروع .
3: انتهاء مسؤولية المقاول من العيوب التي تظهر بالمنشآت موضوع الصفقة باستثناء الضمانات الخاصة التي تمتد إلى ما بعد أجل الضمان المحدد في 12 شهرا و بالمقابل يبقى مسؤولا استنادا لما جاءت به المادة 78 من دفتر الشروط الادارية العامة الجديد، و التي أحالت على الفصل 769 من ظهير الالتزامات و العقود الذي يعتبر الأساس القانوني للمسؤولية العشرية، حيث تبدأ مدة العشر سنوات من يوم التسلم النهائي للأشغال ويلزم رفع الدعوى خلال 30 يوما التالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضمان وإلا كانت غير مقبولة، وهده الواقعة قد تكون انهيارا كليا وجزئيا للمنشأة، أو هددها خطر واضح بالانهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض
4: حق المقاول في الحصول على مستحقاته المالية و التي تتجلى في حصوله على الضمانة و الكفالة و تسديد الحساب النهائي.
لكن الواقع غير ذلك حيث نجد أن أغلب إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تتأخر عن أداء مستحقات المقاولين بسبب تعقيد مسطرة الأداء، حيث تطلب مسطرة لمراقبة تنفيذ النفقات العمومية، بالإضافة إلى عدم توفر الاعتمادات المالية في بعض الأحيان بسبب عدم احترام قواعد صرف الميزانية وضعف الميزانية المرصودة للأشغال والتجهيز.
الفرع الثاني: الحالات الغير العادية لنهاية تنفيذ الصفقات العمومية.
يقصد بنهاية تنفيذ الصفقة بطريقة غير عادية نهايتها قبل الآجال الذي تم الاتفاق عليه عند الإبرام بين صاحب المشروع والمقاول.
وقد حدد مرسوم 20 مارس 2013 المنظم للصفقات العمومية و مرسوم 13 ماي 2016 المحدد لدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال الحالات التي قد تنتهي فيها الصفقة بطريقة غير عادية، بل حاولا تحقيق نوع من التوازن في سلطة إنهاء الصفقة بطريقة غير عادية، بحيث وزعاها بين إمكانية إنهائها من طرف الإدارة بصورة منفردة أو بطلب من المقاول، أو من خلال اتفاق بين طرفي الصفقة، وحصرا حالات الانتهاء بقوة القانون في حالة فقدان الأهلية المدنية أو الممارسة أو موت المتعاقد أو دخول المقاولة لمرحلة التصفية أو التسوية القضائية، ومنه سنحاول مقاربة هده الحالات من خلال الفقرات التالية:
الفقرة الأولى: انتهاء الصفقة العمومية بين سلطة الإدارة وطلب المقاول.
منح مرسوم 13 ماي 2016 المحدد لدفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على الأشغال العامة، امكانية إنهاء تنفيذ الصفقة إما بناء على مبادرة صاحب المشروع الذي يعمل على إتخاد قرار الفسخ أو بطلب من المقاول، و منه سنتطرق » أولا « لنهاية الصفقة بناءا على سلطة الإدارة على أن نبرز »ثانيا « حالات نهاية الصفقة بطلب من المقاول.
أولا: نهاية الصفقة العمومية بقرار من صاحب المشروع.
تنتهي صفقات الأشغال بقرار من الإدارة صاحبة المشروع بإرادتها المنفردة، متى تطلبت المصلحة العامة ذلك باعتبار أن قواعد المصلحة العامة أسمى من أي قواعد ذات أصل تعاقدي، وفي هذا الإطار ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى القول إن الإدارة تستطيع إنهاء الصفقة في أي وقت إلا إذا وجد نص يمنع ممارستها لهذا الحق، وفضلا عن هذا الامتياز المقرر فإن الإدارة يمكنها أن تلجأ إلى إنهاء الصفقة نتيجة إخلال المقاول ببنودها أو نتيجة لوقوع خطإ جسيم من المتعاقد، وإذا كان الفسخ يحقق مصلحة عامة، ففي جميع الأحوال لا يمكن للإدارة فسخ الصفقة إلا بعد توجيه إعذار للمقاول المخل بالتزاماته ومنحه أجلا لمعالجة الاخلالات، ومباشرة بعد فسخ الصفقة تكون الإدارة ملزمة بأن تعيد الإعلان عن طلب العروض في أسرع وقت ممكن، لأن أي تأخير من شأنه أن يرتب زيادة في النفقات والتكاليف بفعل تطور الظروف الاقتصادية، وتعطيل إنجاز المشروع، هذا ما يجعل مسألة تنفيذ الصفقة محفوفة بكثير من المخاطر قد تعطل تسريع عجلة التنمية خاصة أن الأسعار تعرف تقلبا مستمرا.
وقد حدد دفتر الشروط الإدارية العامة حالات قيام الإدارة بفسخ الصفقة بإرادتها المنفردة، في حالة القوة القاهرة يستحيل معها تنفيذ الأشغال، حيث نصت المادة 47 من دفتر الشروط الإدارية العامة أنه يمكن فسخ الصفقة من طرف صاحب المشروع أو بطلب من المقاول ادا استمرت حالة القوة القاهرة لمدة 60 يوما على الأقل ، كما اعتبرت المادة 49 من دفتر الشروط الإدارية العامة أنه في حالة أمر صاحب المشروع بوقف الأشغال تفسخ الصفقة في الحين .
في حالة فقدان المقاول للأهلية البدنية أو العقلية الظاهرة والدائمة تعيقه عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية، يمكن للسلطة المختصة أن تفسخ الصفقة دون أن يحق للمقاول المطالبة بالتعويض .
يجوز للسلطة المختصة أن تفسخ الصفقة تلقائيا في حالة مراجعة أثمان الأشغال ادا تجاوز مبلغ الأشغال الباقي تنفيذها بخمسين في المائة 50% مبلغ نفس الأشغال المحدد على أساس الأثمان الأصلية للصفقة .
في حالة التأخر في تنفيذ الأشغال يحق لسلطة المختصة فسخ الصفقة نظرا لاخلال المقاول، وتطبق غرامات التأخير إلى غاية يوم توقيع مقرر الفسخ من قبل السلطة المختصة .
يمكن للإدارة فسخ الصفقة تطبيقا للإجراءات القسرية المنصوص عليها في الفصل 79 من دفتر الشروط الادارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، ودلك عندما لا يتقيد المقاول إما ببنود الصفقة، وإما بأوامر الخدمة الصادرة عن صاحب المشروع.
يحق لسلطة المختصة فسخ الصفقة ادا ثبت في حق صاحب الصفقة ارتكابه أعمال غش أو رشوة أو مخالفات متكررة لشروط العمل أو مخالفات خطيرة بالالتزامات الموقعة
ثانيا: إنهاء الصفقة العمومية بطلب من المقاول.
شكل منح المشرع المغربي للمقاول الحق في إنهاء أو طلب فسخ الصفقة بموجب دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على الأشغال الجديد الصادر بتاريخ 13 ماي 2016 محاولة لخلق نوع من التوازن بين سلطة الإدارة في إنهاء الصفقة و المقاول المتعاقد معها، و طلب المقاول لإنهاء الصفقة وفق إرادته لا يخرج عن الحقوق التي منحه له المشرع، ويمكن تحديد حالات طلب المقاول إنهاء الصفقة في:
حالة ارتفاع الأعباء على المقاول نتيجة خطإ الإدارة .
طلب المقاول فسخ الصفقة بسبب تعديل الإدارة في بنود الصفقة: كتقليص من حجم الأشغال بازيد من 25 %، أو تأجيل تنفيذ الأشغال إدا كانت مدة التأجيل أو التأجيلات المتتالية في مجموعها تتجاوز 12 شهرا ، فإذا كانت للإدارة سلطة تعديل بعض بنود الصفقة فإنها يجب ألا تتجاوز نسبة معينة لكي لا تؤدي إلى الإخلال بالتوازن المالي للصفقة.
طلب فسخ الصفقة بسبب القوة القاهرة .
القوة القاهرة في الصفقات العمومية تختلف عن العقود الخاصة، فلها مدلول خاص وهي ذلك الحادث الخارجي، الذي يستحيل توقعه واستحالة دفعه، وتؤدي إلى استحالة تنفيذ العقد استحالة مطلقة، ونظرية القوة القاهرة تختلف عن نظرية الظروف الطارئة، في كون هذه الأخيرة لا تجعل التنفيذ مستحيلا بل تجعله مرهقا فقط، ويمكن للمتعاقد المطالبة بالتعويض نتيجة الأضرار الناتجة عن قلب اقتصاديات العقد على خلاف القوة القاهرة التي لا تعطي للإدارة امكانية إرغام المتعاقد على تنفيذ التزاماته ولا توقع عليه الجزاءات المالية أو غرامات التأخير نتيجة عدم تنفيذ العقد بسبب القوة القاهرة لأن الأمر خارج عن إرادته .
طلب فسخ الصفقة بسبب اصطدام المقاول أثناء تنفيذ الصفقة بصعوبات مادية غير متوقعة.
طلب المقاول فسخ الصفقة في حالة الظروف الطارئة .
يمكن للمقاول طلب فسخ الصفقة إدا لم يتم تبليغ الأمر بالخدمة للشروع في الأشغال ودلك في أجل أقصاه 30 يوما الموالية لتاريخ تبليغ المصادقة على الصفقة .
يحق للمقاول أن يطلب كتابة فسخ الصفقة في حالة مراجعة أثمان الأشغال إدا تجاوز مبلغ الأشغال الباقي تنفيذها بخمسين في المائة 50%من مبلغ نفس الأشغال المحددة على أساس الأثمان الأصلية للصفقة ، و يمكننا أن نتساءل عن دور اتفاق إرادة الأطراف في إنهاء تنفيذ الصفقة العمومية؟ ثم ما هي الحالات التي تنتهي فيها الصفقة العمومية بقوة القانون؟.
الفقرة الثانية: حالات انتهاء الصفقة العمومية بين اتفاق الأطراف و قوة القانون.
قد يعاني صاحب المشروع من صعوبات مالية أو يستحيل عليه الاستمرار في الصفقة العمومية لأمر ما، أو عدم تمكن صاحب الصفقة من تنفيذ التزاماتها، وبالتالي يتم اللجوء إلى اتفاق بين أطراف العقد على فسخه، وقد يتم الاتفاق كذلك على كيفية تعويض المتعاقد مع الإدارة عن الخسارة الناتجة له من جراء الفسخ الاتفاقي .
أولا : نهاية الصفقة باتفاق الأطراف.
تعتبر نهاية الصفقة عبر اتفاق أطرافها فسخا اتفاقيا مصدره إرادة الأطراف في حالة عدم تمكن أحدهما من تنفيذ التزاماته أو تعرض أحدهم لصعوبة في التنفيذ أو استحالة استمراره في تنفيذ التزامه، و رغم كون إبرام الصفقة العمومية يعد تعبيرا عن سلطة الإدارة في اختيار المقاول الذي تتوفر فيه الشروط وتختار طريقة التعاقد معه، فإنه يمكن لنفس الإدارة التي اختارت التعاقد أن تتفق مع المقاول من أجل إنهاء الصفقة، وينتهي العمل بها بشكل رضائي قبل تنفيذ موضوعها وقبل حلول أجلها وذلك بتوقيع الأطراف المتعاقدة على هذا الإنهاء، ويتم ترتيب حقوق المقاول بحصوله على المبالغ المتبقية في ذمة الإدارة مع حساب الضريبة على القيمة المضافة، وتعويض المقاول في بعض الأحيان، كما يمكن للأطراف الاتفاق على إنهاء الصفقة العمومية دون ترتيب أي أثر على الأطراف المتعاقدة .
ثانيا : فسخ الصفقة بقوة القانون:
حدد المشرع المغربي بمقتضى دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على الأشغال الحالات التي يمكن أن تنتهي فيها الصفقة العمومية بقوة القانون، »كهلاك محل العقد أو نتيجة وفاة المتعاقد أو خضوع المقاولة لصعوبة الاستمرارية في التنفيذ « .
1: حالة هلاك محل الصفقة العمومية: يقصد بمحل الصفقة الشيء الذي تم التعاقد من أجله، حيث إن هلاك هذا الأخير يؤدي إلى فسخ العقد بقوة القانون لكون محل العقد لم يعد له وجود، وقد يكون هلاك محل العقد ناتج عن سبب خارج عن إرادة الطرفين حيث لا يتحمل أي منهم مسؤولية التعويض، وإذا كان هلاك محل العقد بسبب الإدارة كما هو الشأن في فعل الأمير فان المتعاقد يستحق تعويضا كاملا .
2 :حالة وفاة المتعاقد: المتعاقد مع الإدارة ملزم بتنفيذ مقتضيات الصفقة بصفة شخصية وفق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين،إلا أنه قد يحدث أن يتوفى المتعاقد مع الإدارة، وفي هذه الحالة تفسخ الصفقة بقوة القانون وفق المادة 50 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال ،إلا أنه يمكن للإدارة صاحبة المشروع أن تعطي إمكانية استمرار تنفيذ مقتضيات الصفقة بواسطة الورثة في حالة قبولهم .
3 : حالة خضوع المقاولة لتسوية أو التصفية القضائية: نصت المادة 52 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال على أن الصفقة تفسخ بقوة القانون في حالة التسوية أو التصفية القضائية لممتلكات المقاول وبدون تعويض، ما عدا ادا قبلت السلطة المختصة في حالة التصفية القضائية عند قيام السلطة القضائية المختصة بالترخيص للسنديك بمواصلة استغلال المقاولة، وفي حالة التسوية القضائية إدا رخصت السلطة القضائية المختصة للمقاول بمواصلة استغلال مقاولته، وتجدر الإشارة إلى أنه يسري أثار الفسخ ابتداء من تاريخ التصريح بالتصفية أو التسوية القضائية.
4 : حالة فقدان المقاول للأهلية المدنية أو الممارسة.
نصت الفقرة الأولى من المادة 51 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال على أنه في حالة فقد المقاول أهليته المدنية أو منع من ممارسة المهنة عليه إيقاف تنفيذ الأشغال ويخبر فورا صاحب المشروع، وأضافت نفس الفقرة أنه يتم فسخ الصفقة بقوة القانون من قبل السلطة المختصة ولا يستحق المقاول أي تعويض ويسري مفعول الفسخ من تاريخ فقدان الأهلية المدنية أو المنع من ممارسة المهنة .
مايو 29, 2023 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أكتوبر 29, 2021 0