نوفمبر 24, 2017 محمد الامام العزاوي مقالات قانونية 0
المقدمة
تعتبر الجريمة ظاهرة إجتماعية وجدت منذ القدم و تطورت بتطور المجتمع، حيث إتسع نطاقها في العقود الأخيرة من الزمن ، و تطورت أساليب المجرمين في إرتكابها . وكذا إتساع رقعت إرتكابها لتصبح الجريمة تمتد لأكثر من دولة و هذا ما يسمى بالجريمة العابرة للقارات كالجرائم الإرهابية و غسل الأموال و جرائم الإتجار الدولي بالمخدرات .
ولكل ما سبق حدا بالمشرع إلى استحداث وسائل و تقنيات جديدة و متطورة لمكافحة الجريمة و ذلك من خلال النص على تقنية التسليم المراقب في فرع فريد من الباب الثالث المعنون بتقنيات البحث الخاصة .
و تكريسا لاتجاه المغرب في مكافحة الجريمة جاءت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية بتقنية جديدة رغم أنها تستعمل في الواقع العملي ألا و هي تقنية الإختراق ، و يطلق عليها في القانون الجزائري التسرب حيث نظمها في الفصول من 65 مكرر 11 إلى الفصل 65 مكرر 18 قانون الإجراءات الجزائية ، بينما في القانون الفرنسي و البلجيكي يعبر عنه ب “l’infiltration” و قد نظمه المشرع الفرنسي في الفصول من 81.706 إلى 87.706 من قانون المسطرة الجنائية.
و أمام التطور الذي يعرفه عالم الجريمة ببلادنا و العالم ، نطرح التساؤل هل أسلوب الإختراق سيكون فعلا تقنية تقف مانعا من ارتكاب الجريمة ، و تساعد على دحر الجناة ؟
للإجابة عن هذا التساؤل و تساؤلات أخرى تقتضي منا الضرورة المنهجية تقسيم البحث إلى مبحثين نعالج في الأول ماهية الإختراق و شروطه بينما نتطرق في المبحث الثاني إلى إجراءات الإختراق و أثاره .
و ذلك وفق التصميم التالي :
المبحث الأول : ما هية الإختراق و شروطه .
المبحث الثاني : إجراءات الإختراق و أثاره
المبحث الأول : ما هية الإختراق و شروطه .
الإختراق هو أسلوب جديد للبحث والتحري في الجرائم الخطيرة ، جاءت به مسودة مشروع المسطرة الجنائية ، و للإلمام بهذا المبحث سنعالج في المطلب الأول ماهية الإختراق و في مطلب الثاني سنتطرق لشروطه .
المطلب الأول : ماهية الإختراق :
لما كان الإختراق من بين أساليب التحري و البحث المستحدثة بمقتضى المسودة ، تقتضي منا الضرورة أولا تعريفه ( الفقرة الأولى) تم تمييزه عن التسليم المراقب ثانيا ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الاولى : تعريف الإختراق .
باستقرائنا للنصوص المنظمة للاختراق في المسودة خصوصا المواد من 1-3-82 الى 6-3-82 يستشف منها أنها لم تعرف الإختراق عكس المشرع الجزائري الذي عرفه في قانون الإجراءات الجزائية في المادة 65 مكرر 11 كالاتي : ” يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤلية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية ، بمراقبة الأشخاص المشتبه في إرتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف ” .
بينما عرفه المشرع الفرنسي في الفقرة الثانية من الفصل 81-706 من قانون المسطرة الجنائية بأنه تسلل أو تسرب ضابط أو عون الشرطة القضائية المخول له ذلك بمقتضى مرسوم داخل منظمة إجرامية و إيهامهم بأنه فاعل أو مشارك في الجريمة ، تحت اشراف ضابط الشرطة منسق العملية ، و ذلك بإستعمال هوية مستعارة و إذا استلزم الأمر ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الفصل 82-706.
بينما عرفه الفقه الجزائري بأنه الولوج بطريقة سرية إلى مكان ما أو جماعة ، و جعلهم يعتقدون بأن المتسرب ليس غريبا عنهم و عن حوارهم ، و طمأنتهم بأنه واحد منهم ، و هو ما يسهل له معرفة إنشغالاتهم و توجهاتهم و أهدافهم المستقبلية.
ومن خلال التعريفات الأنفة الذكر و استحضارا للمادة 1-3-82 يمكن تعريف الإختراق بأنه تلك التقنية التي من خلالها يتمكن ضابط الشرطة القضائية بالتوغل داخل منظمة إجرامية و يتظاهر أمام أفرادها بأنه فاعل أو مشارك أو مساهم أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع البحث و ذلك تحت مراقبة النيابة العامة و بإستعمال هوية مستعارة .
الفقرة الثانية : تميز الإختراق عن التسليم المراقب .
يتفق الإختراق والتسليم المراقب في عدة نقط ، أهمها أنهم يعدان من تقنيات البحث الخاصة المنصوص عليها في الباب الثالث من المسودة . كما يتشابهان في كون تنفيذهما يمكن أن يتم على الصعيد الوطني و الدولي و ذلك في سرية تامة تحت إشراف وومراقبة النيابة العامة .
هذا فيما يخص أوجه التشابه بين الإختراق والتسليم المراقب ، أما أوجه إختلافهما فتكمن في أن التسليم المراقب تكون فيه مراقبة المجرمين عن بعد بينما في الإختراق فيكون المخترق مندمجا إلى حد التماهي مع المنظمة الاجرامية .
و يختلفان أيضا من حيث الضمانة الحمائية بحيث أن ضابط الشرطة القضائية في التسليم المراقب يكون أكثر أمانا منه في الإختراق ، بإعتباره لا يحتك بالمنظمة الإجرامية مباشرة ، بينما يكون في خطر في كل وقت و حين نظرا لكونه قريب من المنظمة الإجرامية و يتعامل معها كأنه أحد أفرادها إذا تعلق الأمر بالإختراق .
و من الإختلافات أيضا أن الضابط في عملية التسليم المراقب يحتفظ بهويته و يتعامل بصفته الحقيقية ، في حين الضابط المخترق يستعير هوية و صفة أخرى يموه بها المنظمة الإجرامية و ذلك لتنفيد عملية الاختراق .
إضافة لكل ذلك لا يمكن للضابط في عملية التسليم المراقب إرتكاب أية جريمة بداعي أنها اقتضتها العملية إلا في حدود ضيقة نص عليها الفصل 124 من القانون الجنائي . بينما يمكن للضابط في عملية الإختراق إرتكاب جرائم محددة على سبيل الحصر في المادة 2-3-82 من المسودة .
المطلب الثاني : شروط الاختراق .
للقيام بعملية الإختراق لا بد من قيام شروطها سواء الموضوعية ( الفقرة الأولى ) أو الشكلية ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الاولى : الشروط الموضوعية.
لا يجوز اللجوء إلى الإختراق إلا في حالة الضرورة ( أولا ) و أن يتعلق بجرائم منصوص عليها على سبيل الحصر (ثانيا ).
أولا : توفر حالة الضرورة .
لا يمكن للضابط الشرطة القضائية اللجوء لعملية الاختراق إلا في حالة ضرورة البحث للقيام بمعاينات لإحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 المسودة و ذلك في حالة قلة أو صعوبة الحصول على أدلة و براهين كافية لتحريك الدعوى العمومية .
و نفس الإتجاه جنح إليه المشرع الجزائري و الفرنسي حيت اشترط هذا الأخير في المادة 81-706 اقتضاء ضرورة البحث القيام بمعاينات لجريمة أو أكثر المنصوص عليها في المواد 73-706 و 1-73-706.
ثانيا : أن يتعلق الأمر بجرائم خاصة .
برجوعنا للمادة 1-3-82 التي تحيل للمادة 108 من المسودة نستشف أن المسودة تطلبت للجوء لتقنية الإختراق أن يتعلق الأمر بجرائم تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالعصابات الإجرامية ، أو بالقتل أو التسميم ، أو بالإختطاف و أخد الرهائن أو بتزييف أو تزويير النقود أو سندات القرض العام ، أو بالمخدرات و المؤثرات العقلية ، أو بالأسلحة و الذخيرة و المتفجرات أو بحماية الصحة . و في نظرنا لا يتصور القيام بعملية الاختراق في هذه الجرائم إذا تمت بشكل فردي و عرضي و بالتالي لا بد من أن يقوم بها شخصان أو أكثر على سبيل الإعتياد بمعنى أن يتخدونها الاشرار عملا مدرا لمنافع معينة سواء مادية أو معنوية إرضاءا لنفوسهم المريضة .
و في نفس الإتجاه إشترط المشرع الجزائري للجوء إلى تقنية التسرب ضرورة إرتكاب أنواع محددة من الجرائم التي تتسم بالخطورة و التعقيد ، من ثم فإن الأمر بإجراء عمليات الإختراق ( التسرب ) ليس مفتوحا لكل الجرائم بل هو خاص بمجموعة محددة من الجرائم المذكورة في المادة 65 مكرر 5 من قانون الإجراءات الجزائية ، هذه الجرائم هي جرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الألية للمعطيات أو جرائم تبيض الأموال أو الإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف و كذا جرائم الفساد ، إذن فيما عدا هذه الأنواع المذكورة على سبيل الحصر لا يجوز إستخدام هذا الأسلوب .
و إنطلاقا من المواد المنظمة لعملية الإختراق سواء المنصوص عليها في القانون الجزائري أو المسودة يستشف أن عملية الاختراق لا يمكن أن تفعل إلا في جرائم على سبيل الحصر لا المثال ، و كل إعمال لهذه التقنية في جرائم غير المنصوص عليها في القانون يقع باطلا كل مايترتب عنها .
و صار المشرع الفرنسي على نفس النهج و حصر الجرائم التي يجب إعمال فيها تقنية الإختراق في الفصل 73-706 منها جرائم القتل في إطار الجريمة المنظمة و جرائم التعديب و الأعمال الوحشية التي ترتكب من قبل عصابة أما إذا كانت هذه الجرائم مرتكبة من طرف شخص واحد أو مجموعة و لكن ليس في إطار عصابة أو في إطار الجريمة المنظمة لا يمكن بذلك إعمال تقنية الاختراق .
إضافة لهذه الجرائم هناك جرائم الإتجار بالمخدرات و جرائم الإختطاف التي ترتكبه عصابة و جرائم الإتجار بالبشر وجرائم الإبتزاز و غيرها من الجرائم المنصوص عليها في المادة 73-706 .
الفقرة الثانية : الشروط الشكلية .
لتكون عملية الإختراق صحيحة و قانونية لا بد من توفر شروط شكلية تنطلق من منح إذن بالعملية من طرف النيابة العامة لضباط الشرطة القضائية أو العون المختص للقيام بعملية الإختراق .
أولا : شكل الإدن .
تستلزم المسودة في الإذن أن يكون تحت طائلة مكتوبا و معللا تعليلا خاصا بمعنى أنه لا يكفي مجرد الإدن الكتابي و لكن بالضرورة يجب أن يكون معللا تعليلا خاصا ، و بمفهوم إذا كان الإدن غير معلل أو شفوي فتكون المحاضر المستخلصة من العملية هي والعدم سيان ، و مناط اشتراط التعليل هو بسط القضاء رقابته على هذا الإدن .
ثانيا : مضمون الإدن .
يجب أن يتضمن الإدن أيضا الجريمة أو الجرائم التي تبرر اللجوء إلى عملية الإختراق ، و كذلك هوية و صفة ضابط الشرطة القضائية التي تتم تحت مسؤوليته ، باعتبار أن شخصية الضابط تعد محل إعتبار في العملية ، بحيث لا يمكن أن يأدن لضابط هاوي للقيام بها أو حديث التعيين أو لا يتوفر على كاريزما تخوله القيام بعملية الإختراق.
ثالثا : مدة عملية الاختراق .
يجب أن تحدد مدة عملية الإختراق بالإدن و التي لا يمكن أن تتجاوز أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة بنفس الشروط ، و هنا يطرح إشكال هل تجاوز المدة يرتب بطلان العملية و ما يترتب عنها من محاضر أم فقط مايترتب عن المدة الزائدة ؟
إنطلاقا من المادة 3-3-82 يلاحظ أن المسودة رتبت جزاء البطلان و هذا ما سيؤدي لا محالة للعصف بالعملية و مايترتب عنها من أدلة ، إذا ما اعتمدنا حرفية النص ، و هذا ما لا يخدم أبدا العدالة .
أما المشرع الفرنسي يلاحظ أنه رتب البطلان فقط على الإدن غير المكتوب أو غير المعلل و لم يرتب الجزاء على تجاوز المدة و هذا ما يستشف من المادة 83-706 .
و نفس المقتضى نص عليه المشرع الجزائري في المادة 65 مكرر 15 ” يجب أن يكون الإدن المسلم تطبيقا للمادة 65 مكرر 11 أعلاه مكتوبا و مسببا و ذلك تحت طائلة البطلان ” .
و انطلاقا من إتجاه المشرع الفرنسي و الجزائري و تحقيقا للعدالة يجب تعديل المادة 3-3-82 أثناء مناقشتها بقبة البرلمان و ذلك لتحقيق الغاية المرجوة من عملية الإختراق .و مقارنة للمدة المأدون خلالها مباشرة عملية الاختراق المنصوص عليها في المادة 3-3-82 من المسودة مع المشرع الفرنسي و الجزائري ، نجد أن الأولى حددتها في أربعة أشهر قابلة للتجديد بنفس الشروط لمدة واحدة ، بينما التشريع الجزائري و الفرنسي حددها في أربعة أشهر لكن لم يحدد عدد مرات تجديدها و بالتالي يمكن تجديدها كلما إقتضتها الضرورة بنفس الشروط و هذا الاتجاه هو السليم باعتبار أن الضابط المكلف بعملية الاختراق يكون قد أوشك على الوصول للأهداف المسطرة له لكن انتهت مدة ثمانية أشهر بعد تجديدها في هذه الحالة المنطق القانوني و مبادئ تحقيق العدالة تقتضي تجديد المدة ، و ليس إنهاء العملية .
و قد يرى البعض أن التمديد لأكثر من مرة واحدة فيه مخاطر ملموسة تتمثل أساسا في الزيادة في المصاريف و النفقات التي تفرضها عملية الإختراق من جهة و من جهة ثانية إستفادة المنظمة الإجرامية المخترقة من الخدمات و التسهيلات التي يقدمها الضابط المكلف بعملية الإختراق لأكثر مدة ممكنة ، غير أن هذا التوجس يبقى أمرا مردودا إذا ما استندنا إلى المصلحة العامة التي تستهدف حماية المجتمع من الظاهرة الإجرامية التي تهدد إستقراره و كيانه .
فالضرورة و المنطق يقتضي استمرار العملية التي قام بها الضابط و التي قد تكون شارفت على الانتهاء بل الاكثر من ذلك و ردا على من قد يذهب في الطرح القائل بضياع المصاريف التي تفرضها عملية الاختراق ، فإننا نرى أن اكبر ضياع هو ضياع مجهودات دامت مدة ثمانية أشهر لسبب يعد من منظورنا جد واهن و هو عدم إمكانية التمديد لأكثر من مرة إذا كانت ظروف الحال تقتضي ذلك.
أما المشرع البلجيكي فقد حدد مدة الاختراق في ثلاثة أشهر قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات هذا التجديد تبتدأ مند منح الإدن .
المبحث الثاني : إجراءات الإختراق و أثاره .
الإختراق كما سبق و عرفناه بأنه تلك التقنية التي من خلالها يتمكن ضابط الشرطة القضائية بالتوغل داخل منظمة إجرامية ، و ليكون هذا الإختراق قانونيا لا بد من أن يحترم إجراءات معينة ( المطلب الأول ) و ذلك لأنه يرتب أثارا قانونية و واقعية خطيرة ( المطلب الثاني ).
المطلب الاول : إجراءات الاختراق .
نصت المسودة على إجراءات بدونها لا تستقيم عملية الإختراق ، ولا غرو أن تنصيص المسودة على هذه الإجراءات الصارمة التي بدونها لا تقوم قائمة لعملية الإختراق ،يكرس طابع الشرعية في الحصول على الدليل تطبيقا لمبدأ المشروعية الذي يمثل أساسا بكل إجراء صحيح ، سواء من حيث الجهات صاحبة السلطة في منح الإذن ( الفقرة الأولى ) أو من حيث الجهات المختصة بمباشرة هذا الاجراء ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : الجهة التي لها حق منح إذن مباشرة الإختراق .
ضمانا لمشروعية الدليل المستمد من إجراء الإختراق ، اشترطت المسودة الحصول على إدن من النيابة العامة ، و هذا هو اتجاه المشرع الجزائري الذي اشترط هو بدوره الحصول على إذن من وكيل الجمهورية .
أما المشرع الفرنسي فقد منح سلطة منح إدن مباشرة عملية الاختراق للمدعي العام أو بطلب من قاضي التحقيق .
و منح إدن مباشرة عملية الإختراق لا يعني إنتظار إنقضاء مدته لإنهاء العملية ، بل يمكن للنيابة العامة وقف العملية في أي مرحلة من مراحلها إذا إقتضت الضرورة ذلك ، أو تبين لها أنه لا جدوى تذكر من إستمرارها .
و ضمانا لسلامة الضابط أو عون الشرط القضائية منفذ العملية و السهر على أمنه أعطت المسودة إمكانية استمرار العملية للمدة التي يمكن من خلالها أن ينسحب دون أن يثير شكوك الأشرار ، و بالتالي دون الحاق أي ضرر بنفسه أو بالغير ، و ذلك دون أن تتجاوز هذه المدة أربعة أشهر .
و في رأينا أن إشتراط المسودة لأربعة أشهر كمدة لإنسحاب منفذ العملية إتجاه غير سليم و ذلك راجع لصعوبة المنظمات الإرهابية و الإجرامية التي يتم إختراقها و بالتالي فمن الصعوبة بمكان أن تكفي مدة أربعة أشهر لإنسلال الضابط أو العون دون إثارة شكوك المنظمة الإجرامية .
الفقرة الثانية : الجهة منفدة عملية الإختراق.
أسندت المسودة لضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية القيام بعملية الإختراق في المادة 1-3-82 شأنها شأن المشرع الجزائري -المادة 65 مكرر 12 من ق إ ج ج – في ذلك.
بينما المشرع البلجيكي إضافة لضابط الشرطة القضائية و عون الشرطة القضائية اسند مهمة القيام بعملية الإختراق لشخص أجنبي عن سلك الشرطة و ذلك وفق شروط .
و قد حصر الفقه البلجيكي شروط تدخل الشخص الأجنبي عن سلك الشرطة في عملية الاختراق في :
– أن يتعلق الأمر بظروف استثنائية إقتضتها طبيعة العملية ؛
– أن يتدخل في إطار عملية محددة بالتدقيق ؛
– أن يتدخل في العملية خلال مدة وجيزة ، لتجنب تضرر المدني القائم بالعملية ؛
– أن تكون له خبرة كبيرة تساعده على القيام بالعملية ؛
– أن يأدن القاضي بذلك .
و تعليقا على هذا الاتجاه يمكن القول بأنه إتجاه محمود بإعتبار أن الشخص الأجنبي عن سلك الشرطة يمكن أن تتوفر فيه مميزات تمكنه من القيام بعملية الإختراق ، كمن يتقن لغة معينة يتكلمها الجناة و أفكار المنظمة الإجرامية المراد اختراقها ، و بالتالي يسهل عليه الانصهار في المنظمة الإجرامية و مراقبتتها ، و تفكيكها و إعتقال أفرادها في نهاية المطاف.
المطلب الثاني : أثار عملية الإختراق.
يترتب على عملية الاختراق مجموعة من الأثار القانونية ، سواء واجبات تلقى على ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية المكلف بالقضية (الفقرة الأولى) أو إثارة مسؤوليته القانونية و إعفائه من المسؤولية في حالات حصرها المشرع (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : واجبات ضابط الشرطة القضائية منسق الإختراق.
تتركز واجبات منسق عملية الإختراق أساسا في تحرير المحضر أولا و تنسيق العملية ثانيا.
أولا : تحرير المحضر.
بمجرد ما يأدن لضابط الشرطة القضائية منسق عملية الإختراق بالشروع في تنفيذ العملية ، يلزم بتحرير محضر يتضمن كافة العناصر الأساسية و الضرورية لمعاينة الجرائم ، و يترتب عن مخالفة مقتضى تحرير المحضر البطلان طبقا للمادة 1-3-82 .
و نفس المقتضى نص عليه المشرع الجزائري إلا أنه لم يرتب عليه أي جزاء يذكر ، شانه في ذلك شان المشرع الفرنسي .
و مناط عدم ترتيب المشرع الفرنسي و الجزائري بطلان العملية كجزاء لعدم تحرير المحضر يرجع إلى رغبتهما في الإبقاء على الأدلة المستمدة من العملية ، و عدم إضاعة الجهد و النفقات التي رصدت لإنجاحها ، و كذا إلحاق العقاب بالمجرمين بالدرجة الأولى.
و في المقابل رتب المشرع المغربي بطلان العملية على عدم تحرير المحضر حماية لحقوق المتهم ، بإعتبار أن البراءة هي الأصل ، و تكريس لمبدأ مشروعية الأدلة المستمدة من أي إجراء يأمر به القانون.
و في نظرنا أن ترتيب بطلان العملية كجزاء قد يعصف بالمجهودات المبذولة و النفقات المصروفة و التي استمرت أشهر ، و بالتالي يؤدي ذلك إلى تملص أفراد المنظمة الإجرامية من العقاب ، و هذا ما لن يحقق العدالة المرجوة و الأهداف المقرر تحقيقها من هذه العملية.
و عليه ينبغي على المشرع أن يعيد النظر أثناء مناقشة المسودة في هذا المقتضى ، و يتبنى الموقف الذي سارت عليه التشريعات المقارنة للأسباب السالف ذكرها.
ثانيا : تنسيق العملية.
يقصد بتنسيق عملية الاختراق أن يقوم ضابط الشرطة القضائية المكلف بالعملية بالتخطيط و التفكير ووضع استراتيجية عمل ، و قد يعهد لضابط شرطة قضائية أخر أو عون شرطة قضائية للقيام بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة و ذلك بإبهامهم أنه فاعل أو شريك أو مساهم او مستفيد من أعمالهم الإجرامية .
و بالتالي فٌالضابط منسق العملية يعد هو الوسيط بين النيابة العامة و المخـترِق حيث يتلقى التعليمات من النيابة العامة و يقدمها للمخترق ، و يوفر لهذا الأخير كافة الوسائل اللوجيستيكية و الاستخباراتية ليقوم بالمهمة المعهودة له على أكمل وجه ، منها منحه هوية مستعارة و صفة مزورة يمكن عن طريقها تضليل المنظمة الإجرامية.
كما يمكن للمنسق أن يحدد للمخترق طريقة العمل و الأهداف المسطرة و كيفية البحث و التحري عن الأدلة ، دون أن يكون المخترق ملزمة بتنفيذ هذه التعليمات حرفيا باعتبار أن له السلطة التقديرية في اتباع الاستراتيجية الملائمة للحصول على أدلة الإدانة . وذلك راجع بالأساس لظروف الحال ، بمعنى أن المنظمة الإجرامية قد تتخد إجراءات صارمة من شأنها أن تحول دون وصول المخترق لأهدافه ، مما يلزم معه تغيير طريقة تعامله ووسائله لتحقيق الغاية المتوخاة من عملية الإختراق مسبقا. إن العبرة بالوصول للنتائج و قطف ثمرة المجهودات التي استمرت لشهور ، وليس بطريقة تحصيل الأدلة شريطة أن تحترم المشروعية.
و إتصالا بما ذكرناه انفا يجب على منسق عملية الاختراق تحرير محضر يتضمن كل ما سبق ذكره يوضع إلى جانب التقارير المنجزة بهذا الشأن في ملف سرى لدى الجهة التي منحته ، و يحيل ايضا كافة العائدات المالية و الاشياء العينية المتحصل عليها من الافعال الاجرامية بعد إحصائها على النيابة العامة مرفوقة بالمحضر .
الفقرة الثانية : الإعفاء من المسؤولية و الحماية المقررة للقائم بعملية الاختراق.
يترتب على عملية الإختراق إعفاء الضابط أو العون المكلف بالعملية من المسؤولية (اولا) ، و للسهر على أمنه و سلامته من الاعتداءات خصت له المسودة مجموعة من المقتضيات الحمائية الزجرية (ثانيا).
أولا : الإعفاء من المسؤولية.
نص المشرع في الفصل 132 ق ج على أنه ” كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن :
الجرائم التي يرتكبها.
الجنايات او الجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها.
محاولات الجنايات.
محاولات بعض الجنح ضمن شروط المقررة في القانون صراحة على خلاف ذلك. ”
انطلاقا من النص أعلاه يسأل كل شخص سليم العقل قادر على التمييز عن الجرائم التي يرتكبها ، لكن المشرع وعيا منه بوجود حالات تحول دون قيام المسؤولية الجنائية نص على استثناءات منها ماجاء بالفصل 124 ق ج ( أولا) ، ومنها ما جاءت به المسودة في المادة 1-3-82 و ما يليها ( ثانيا).
1- إعفاء الضابط أو العون من المسؤولية بناء على الفصل 124 ق ج.
نص الفصل 124 ق ج على أنه :” لا جناية و لا جنحة و لا مخالفة في الأحوال الآتية :
1- إذا كان الفعل قد توجيه القانون و أمرت به السلطة الشرعية.
2- إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة ، أو إذا كان في حالة انتحال عليه معها استحالة مادية اجتنابها ، و ذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته .
3- إذا كانت الجريمة قد استلمتها ضرورة حالة الدفاع الشرعي ، عن نفس الفاعل أو غيره ، أو عن ماله أو مال غيره ، بشرط أن يكون الدفاع مناسبا مع خطورة الاعتداء. ”
انطلاقا من هذا النص قد يضطر ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية إلى إرتكاب فعل مجرم ، فمثلا قد تقتضي الضرورة من القيام بسرقة منقول او حيازة مخدرات أو أسلحة بدون سند قانوني ،قصد إيهام المنظمة الإجرامية أنه مجرم بالفطرة لينال ثقتهم.
و قد يلحق أضرارا بالغير سواء مادية أو جسدية أو معنوية و ذلك لغاية نيل ثقة الاشرار من جهة و من جهة أخرى تحقيق حماية شخصية لضابط الشرطة القضائية من كل اعتداء قد يوجه ضده من طرف الخارجين عن القانون المراد إختراقهم أو المخترَقين.
و بصفة عامة يمكن لضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية المخترق ارتكاب كل كل نشاط يحرمه القانون و يعاقب بمقتضاه ، و يلحق أدى بنفس الغير أو ماله ، شريطة أن يضطر إلى إرتكاب هذا النشاط المجرم بقصد المحافظة على حياته أو زملائه او للحفاظ على الأدلة لادانة أفراد المنظمة الاجرامية .
2- اعفاء الضابط أو عون الشركة القضائية من المسؤولية بناء على النصوص المنظمة لعملية الاختراق .
يجوز لضباط و أعوان الشرطة القضائية المأذون لهم من طرف النيابة العامة بتنفيذ عملية الاختراق القيام بأعمال يعدها الشارع المغربي جرائم معاقب عليها بمقتضى القانون و ذلك فوق التراب الوطني .
و يمكن للضابط أو العون اكتساب أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إستلام ممتلاكات أو أموال أو وثائق أو معلومات أو أشياء مجرمة أو متحصلة من إرتكاب جرائم ، أو استخدمت لارتكاب جرائم أو معدة لارتكابها.
أو استعمال أو وضع ، رهن إشارة الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم ، وسائل قانونية أو مالية أو وسائل نقل أو تخزين أو إيواء أو حفظ أو اتصال.
ولكن يجب أن ترتكب هذه الأفعال دون أن تشكل تحريضا على ارتكاب الجريمة ، حيث رتبت المسودة البطلان على عملية الإختراق و الأدلة المستمدة منها ، إذا كان الضابط أو العون هو من حرض على ارتكاب الجرائم ، وبالتالي تنعدم ارادة الجناة في ارتكابها ، و في نظرنا فإن جزاء البطلان جزاء عادل و يحقق التوازن بين البحث و التحري عن الجرائم من جهة ،و حقوق المتهمين من جهة ثانية و من جهة أخيرة تكريس مبدأ مشروعية التنقيب على الأدلة.
و هذا دون اغفال امكانية متابعته بالمشاركة في الجريمة حسب الفصل 129 ق ج الذي ينص على أنه ” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها و لكنه اتى أحد الأفعال الآتية :
1- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه ، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو اساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس اجرامي.”
و توفير للظروف الملائمة لعملية الإختراق ، و ضمانا لنجاحها أعفت المسودة ضباط و أعوان الشرطة القضائية المأذون لهم بتنفيذ عملية إختراق من المسؤولية و ذلك بمناسبة مباشرتهم للعمليات المذكورة أنفا.
و لا يعفى ضباط الشرطة القضائية المأذون لهم بتنفيذ عملية الإختراق فقط ، بل يعفى ايضا الأشخاص الذين تمت الاستعانة بهم لإتمام عملية الاختراق ، المعينين سلفا من طرف ضباط الشرطة القضائية المأذون لهم بمباشرتها ، شريطة أن تشعر النيابة العامة بهذا التعيين . أما إذا لم تشعر فلا مجال لتطبيق هذه المادة و بالتالي مساءلة الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة من جرائم المعاقب عليها و هم بمناسبة تنفيذ عملية الاختراق .
و نفس الاتجاه اعتمده المشرع الجزائري في اعفاء ضباط الشرطة القضائية و أعوانها من المسؤولية لكن ضيق من الجرائم المسموح بارتكابها من طرف الساهرين على تنفيذ عملية التسرب و حصرها في اقتناء أو حيازة أو نقل او تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من إرتكاب الجرائم أو مستعملة في إرتكابها. إضافة إلى استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع أو المالي و كذا وسائل النقل أو تخزين أو الايواء أو حفظ أو الإتصال .
بينما المسودة جاءت بنص عام دون حصر للجرائم التي يمكن ارتكابها من طرف المخترق ، و هو اتجاه جد محمود و يحقق الغاية المتوخات من عملية الاختراق ، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 4-3-82 على أنه :” يعفى من المسؤولية الجنائية بالنسبة للافعال المرتبطة مباشرة لتنفيذ عملية الإختراق ، الأشخاص الذين تمت الاستعانة بهم لإتمام عملية الاختراق ، المعينين سلفا من طرف ضباط الشرطة القضائية المأذون لهم بمباشرتها إذا كانت النيابة العامة قد اشعرت بذلك. ”
ثانيا : الحماية المقررة لمنفذ لعملية الاختراق.
لضمان سلامة منفذ العملية من أي اعتداء قد يتعرض له بمناسبة تنفيذ الإختراق ، في حالة اذا ما تم كشفه من قبل الجناة ، أوقعت المسودة عقوبات صارمة في حق كل من سولت له نفسه أن يوشي أو أن يكشف عن الهوية الحقيقية لمنفذ عملية الاختراق في أي مرحلة من مراحل العملية .
و الغاية من توقيع العقاب على كل من يكشف عن هوية منفذ العملية هي النتائج الخطيرة التي تتولد عن هذا الكشف سواء من حيث إفشال العملية و بالتالي يصبح من المستحيل تنفيذها أو إعادت تنفيذها ولو بعنصر آخر من جهة ، و تعرض منفذ العملية للخطر سواء لشخصه أو لاقربائه من جهة ثانية ، و من جهة أخيرة تنبؤ الجناة بمخططات الشرطة سواء الحالية أو المستقبلية.
و نفس المقتضى نص عليه المشرع الجزائري في المادة في المادة 65 مكرر 14 حيث جاء فيه أنه :” لا يجوز إظهار الهوية الحقيقية لضباط أو اعوان الشرطة القضائية الذين باشروا عملية التسرب تحت هوية مستعارة في أي مرحلة من مراحل الإجراءات .
يعاقب كل من يكشف هوية ضباط أو اعوان الشرطة القضائية…. ”
و هو نفس الاتجاه الذي اعتمده المشرع الفرنسي في الفصل 84-706 من ق م ج ف .
و بالرجوع العقوبات التي أفردتها المسودة لكاشف هوية منفذ العملية نجد أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات و غرامة من ألفين إلى خمسة آلاف درهم دون الاخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد.
و يمكن أيضا أن يعاقب طبقا للفصل 446 ق ج الذي يعاقب على إفشاء السر المهني ، لكن بمقارنتنا للعقوبتين سواء المنصوص عليها في الفصل المذكور أو المادة 6-3-82 من المسودة فنستشف أن العقوبة المرصودة للجريمة المنصوص عليها في هذه الأخيرة أشد من عقوبة افشاء السر المهني و بالتالي فتطبق العقوبة الأشد و ذلك تطبيقا للفصل 118 ق ج الذي ينص على أن :” الفعل الواحد الذي يقبل أوصافا متعددة يجب أن يوصف باشدها”
و قد شددت المسودة العقوبة شأنها في ذلك شأن التشريعات المقارنة في حالة ترتب عن كشف الهوية الحقيقية لضابط أو عون الشرطة القضائية منفذ عملية الاختراق عنف أو ضرب أو جرح أو إيذاء في حقهم أو في حق أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم ، فإن العقوبة تكون خمس سنوات إلى عشر سنوات و غرامة تتراوح بين ألفين و عشرة آلاف.
و إذا ما نتج عن كشف هوية منفذ العملية الحقيقية فقد عضو أو بثر أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة مستدامة أخرى في حقه أو في حق زوجه أو أصوله أو فروعه ، فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة و غرامة تتراوح بين خمس آلاف و عشرين الف درهم.
بينما شددت المسودة العقوبة في حالة وفاة ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية منفذ عملية الإختراق ، أو زوجه أو أصوله أو فروعه ، حيث تصل العقوبة إلى عشرين سنة دون أن تقل عن عشر سنوات و غرامة تتراوح بين عشرين ألف درهم و خمسين ألف درهم.
و لما كانت عملية الإختراق تنطوي على مخاطر جمة قد تعصف بحياة منفذها و تعصف أيضا بالأدلة المقرر إستخراجها منها ، فإنه عاقب كل من يكشف هوية منفذها لكن تتضاعف إلى الضعف إذا ماتم الكشف عن هوية العنصر المنفذ للعملية من طرف الشخص الذي إستعان به لإتمام عملية الإختراق ، ولكن إذا تجاوز الحد الأقصى في هذه الحالة ثلاثين سنة فإن العقوبة تكون هي السجن المؤبد.
فإذا كان مثلا الحد الأقصى العقوبة هو عشر سنوات ، فإنها تتضاعف و تصبح عشرين سنة إذا كان كاشف هوية منفذ العملية هوضابط الشرطة القضائية الذي استعان به لتنفيذ هذه العملية ، و الغاية من مضاعفة العقوبة في هذه الحالة هو أن الواشي ينتمي إلى الجهاز الساهر على عملية الإختراق ، و بالتالي فافشاء أسرار العملية وكشف هوية منفذها يفرغ العملية من مضمونها من جهة ، و يعرض منفذها للخطر من جهة ثانية ، و يفقد الثقة في جهاز الشرطة القضائية من جهة أخيرة.
و يبدو لنا أن مضاعفة العقوبة على مرتكب هذا الفعل الجرمي يرجع كذلك إلى مدى شناعة الفعل المرتكب ، فارتكاب الضابط لمثل هذا الجرم ينم على وقاحة و نذالة مرتكبه الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال وضع الثقة في أمثاله ، ففي الوقت الذي يكون فيه الضابط محط ائتمان وثقة من طرف عناصر الفرقة ، فإن صدور مثل هذه الوشاية من شأنها إحداث شرخ واسع في الثقة الممنوحة لضابط الشرطة القضائية.
و من الضمانات الحمائية المقدمة لمنفدي عملية الاختراق و كذا منسق العملية في إطار القانون المقارن ، هو إمكانية سماع ضابط الشرطة القضائية الذي تجري العملية تحت مسؤوليته بصفته شاهدا دون سواه ، أي بمعنى أن منفذ العملية لا يمكن الاستماع إليه مطلقا، بل يكتفي بالاستماع لمنسق العملية نظرا لكونه بعيد عن المنظمة الإجرامية من جهة ، و مسئوليته عن نجاح عملية الاختراق من عدمه من جهة أخرى . و هذا المقتضى المنصوص عليه في المادة 65 مكرر 18 ق إ ج ج.
لائحة المراجع :
هوام علاوة ، التسرب كألية الكشف عن الجرائم في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، مجلة الفقه و القانون ، باتنة الجزائر 2012
زوزو هدى ، التسرب كاسلوب من اساليب التحري في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري ، دفاتر السياسة و القانون ، العدد الحادي عشر ، جوان 2014
مهدي شمس الدين ، النظام القانوني للتسرب في القانون الجزائري ، مذكرة مكملة من مقتضيات نيل شهادة الماجيستر في الحقوق تخصص قانون جنائي ، جامعة محمد خير بكرة ، كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق ، الموسم الجامعي 2013/2014
عبد الواحد العلمي ، شرح القانون الجنائي المغربي ، القسم العام ، مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الخامسة
Ann Jacobs , la loi du 6 janvier 2003 concernant les méthodes particuliers de recherche et quelques autres méthodes d’enquête , revue de la faculté de droit de l’université de liège -2004/1
مايو 29, 2023 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أكتوبر 29, 2021 0