نوفمبر 24, 2017 محمد الامام العزاوي مقالات قانونية 0
توطــــــئـــــة :
مما لاشك فيه أن العقد هو تلك الرابطة القانونية بين شخصين أو أكثر، وان المشرع المغربي نجده قد حدا حذو العديد من التشريعات المقارنة فيما يتعلق بإعطاء تعريف للعقد إذ نجده لم يعمل على تحديد تعريف للعقد وإنما اكتفى بتحديد أركانه وشروطه وذلك من خلال الباب الأول من قانون الالتزامات والعقود ، ونجد أن المشرع المدني الفرنسي عمل على تعريف العقد في مادته 1101 من القانون المدني الفرنسي بأنه ” اتفاق يلتزم بمقتضاه ، شخص أو أكثر نحو شخص أو أكثر بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عنه ” ، ويقوم قانون العقود على العبارات اللاتينية والتي ما مفادها أن العقد هو شريعة المتعاقدين و إذا ما تم الإخلال بالعقد فإن القانون يقدم ما يعرف بالتدابير القضائية للتعامل مع ذلك ، ونجد أنه تكون العقود أحيانا مكتوبة والتي تعمل على تحديد وبتفصيل ووضوح ما تم الاتفاق عليه ، مثلما هو الحال بالنسبة لعقد البيع والهبة و المقايضة والملكية والشركة والقرض …الخ ، إلا أن النسبة الغالبة من العقود تكون شفوية مثلما هو الحال عند شراء كتاب أو فنجان من القهوة … الخ .
والعقد عند الفقيه السنهوري هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه وعند الفقيه مأمون الكزبري هو ” توافق إرادتين أو أكثر على إنشاء التزام أو تعديله أو نقله ” .
ويعتبر عقد الكراء من العقود التي حظيت باهتمام تشريعي كبير منقطع النظير ، بالنظر لأهميته الاقتصادية والاجتماعية ولارتباطه بفئة واسعة من المواطنين ، الذين أعوزتهم الوسائل المادية الكافية سواء للحصول على سكن لائق أو محل مناسب لمزاولة نشاطهم سواء التجاري أو الحرفي أو ما في حكمه لكسب قوتهم اليومي .
وعقد الكراء يعتبر من العقود الذي بموجبه يمنح احد الطرفين للآخر ، الانتفاع بمال منقول أو عقار خلال مدة معينة ، بمقابل يلتزم الطرف الثاني بالدفع لقيمته المادية أو غير المادية حسب صك الالتزام الرابط بينهما ، وأكد المشرع المغربي في حالة عدم التزام الطرف المكتري للوفاء بالتزاماته تجاه الطرف المكري بعدما يسلك هذا الأخير لجميع الإجراءات المسطرية الكفيلة بمقاضات الطرف المكتري قصد إخلائه للعين المكتراة أو المستعملة من طرفه ، الأمر الذي يجعل المكتري يوجد فيما يسمى بالاحتلال بدون سند قانوني للعين المكتراة ، والاحتلال هو وضع اليد من دون موجب مشروع وقانوني على العقار .
ونجد أن بعض التشريعات العربية – مصر و لبنان و سوريا – تنعث الاحتلال بالغصب بحيث أكدت على أنه كل اعتداء أو إكراه مادي أو معنوي من الغير بقصد سلب الحيازة من صاحبها ، والاحتلال بصفة عامة ما هو إلا صورة من صور الاعتداء على الحقوق المترتبة لصاحب الملكية العقارية الثابتة ، والشخص المحتل هو كل شخص يضعه ويصنفه القانون ضمن خانة المغتصب لحق الملكية بدون سند قانوني وبدون رضى صاحبها الأمر الذي سيحدث لا محالة ضررا لصاحب الحق .
وعليه فلدراسة الموضوع لابد من التطرق للإشكال الجوهري المطروح والذي ينصب نفسه كأحد المراحل الجوهرية التي تجب الإجابة عنها والتوقف عندها ، والذي يتمحور حول الإطار العام والفلسفة العامة التي نهجها المشرع المغربي في أولا حماية حق الملكية العقارية وثانيا العمل على سن توجه قانوني وجاد بغية العمل على طرد الشخص المحتل للعقارات بدون سند مشروع وقانوني ، هذا ما سيدفعنا حتما لطرح بعض التساؤلات الفرعية بخصوصه والمتجلية في :
– كيف عالج المشرع المغربي الدعوى العقارية ؟ وكيف قام بتصنيفها ؟
– ما هي دعوى طرد المحتل ؟ وما هي الجهة المخولة بالبث فيها ؟
للإجابة على هاته الإشكالية وغيرها تبين لنا معالجة الموضوع بنوع من الدقة وعدم الغوص أكثر في بعض التعاريف و التحاليل الفقهية وإنما العمل قدر الإمكان على تناوله من الناحية التطبيقية الصرفة باعتباره من المواضيع التقنية الدقيقة ، هذا ما جعلني اعمل على الإبحار فيه ، من خلال العمل على تبيان التأصيل القانوني العام للدعوى العقارية وأنواعها كمبحث أول على أن نتناول دعوى طرد محتل بدون سند قانوني في مبحث ثاني .
المبحث الأول : التأصيل القانوني للدعوى العقارية وأنواعها .
في معرض حديثنا عن التأصيل العام للدعوى العقارية لابد من التأكيد على أنه وبعد استقرائنا لنصوص بعض القوانين وخاصة منها قانون المسطرة المدنية لم نجد تعريفا خاصا للدعوى اللهم قانون المسطرة المدنية الفرنسي الذي جاء في فصلة الثلاثون ” أن الدعوى هي حق صاحب ادعاء ليستمع له في موضوع هذا الادعاء وذلك من أجل قبوله أو رفضه من طرف القاضي ” ، وعليه يتبين لنا من خلاله أن نتطرق للمفهوم الشامل للعقار كمطلب أول على أن نعالج الدعوى العقارية ومختلف أنواعها في المطلب الثاني .
المطلب الأول : الإطار العام للعقار في التشريع المغربي
بالرجوع لقانون 14/07 المتمم والمميز لمقتضيات ظهير 19 رجب 1333 الموافق ل 02 يونيو 1915 المتعلق بالتحفيظ العقاري ، نجده لم يتعرض لمفهوم العقار وإنما اكتفى في فصله الخامس لتعداد أنواعه بحيث جعلها عقارات بالطبيعة وعقارات بالتخصيص و عقارات بحسب ما تنسحب عليه .
بالتالي وعند رجوعنا لتعاريف فقهاء الشريعة الإسلامية نجد أنه هناك اختلاف في تناول العقار بحث نجد فقهاء المالكية اعتبروا أن العقار هو كل شيء لا يمكن نقله أبدا ، أو لا يمكن نقله إلا بتغيير هيأته ، وهذا يعني أن كلمة عقار كما تطلق على الأرض ، تطلق كذلك على الأشجار و الأبنية وكما يتصل بهما معا مما لا يمكن نقله إلا بتغيير هيأته . وفي هذا الجانب يقول الفقيه التسولي – شارح التحفة – في باب البيع ” أن الأصول هي الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر “.
ثم نجد جانب آخر من الفقهاء والذي يمثله فقهاء باقي المذاهب غير المذهب المالكي والذين اعتبروا أن العقار هو كل شيء لا يمكن نقله أبدا ، وهذا يعني أن كلمة العقار لا تنطبق إلا على الأرض ، وما عداها فهو منقول لأن المنقول حسب هذا المذهب هو كل ما أمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر كالمباني والنقود والملابس ، أما الأشجار والبناء فلا تسمى عقارات لأنها يمكن نقلها .
– فنجد عند الحنفية أن العقار هو ما لا يحتمل النقل والتحويل ، وقيل ما له أصل ثابت مثل الأرض والدار والنخل والشجر ، فمثلا الحجر من الدار إذا تهدمت يصبح مالا منقولا ونفس الشيء بالنسبة للشجر في حالة زواله عن الأرض .
من جهة أخرى نجد أن المشرع الجزائري في مادته 683 من القانون المدني والتي تنص ” كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه لولا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول ” .
من جانب آخر نجد أن الفقيه عبدالرزاق السنهوري عرف العقار بكونه ” كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه ، ولا يمكن نقله منه دون تلف ” ، وعن الفقيه مامون الكزبري هو ” الشيء المعد في الأصل لأن يبقى مستقرا في حيزه ثابتا فيه لا ينقل منه إلا استثناء ويتطلب نقله في أغلب الأحيان استعمال وسائل تقنية خاصة لا تتوفر عادة إلا لدى الأخصائيين ”
المطلب الثاني : الدعوى العقارية وأنواعها
تنقسم الدعاوي العقارية بشكل عام إلى دعاوي ملكية ودعاوي حيازة :
فدعاوي الملكية هي التي ترمي إلى حماية أصل حق الملكية العقارية ، أو بصورة أعم تهدف إلى المحافظة على أصل الحق العيني الوارد على العقار .
ودعاوي الحيازة هي التي تحمي الحيازة الظاهرة فحسب ولا تتعلق بالملكية أو الحق العيني ، والحيازة ” حالة واقعية تتمثل في حبس شيء ومباشرة نفس التصرفات من استعمال واستغلال بطريقة خاصة كالتي يتصرف بها المالك الحقيقي ” .
ولقيام الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية في القوانين الوضعية وكدليل على الملكية في الفقه الإسلامي والتي جاءت باختصار في لامية الزقاق ” يد نسبة طول كعشرة أشهر وفعل بلا خصم بها الملك يجتلي ” بالتالي فيجب توافر الشروط التالية :
1- وضع اليد على الشيء .
2- التصرف في الشيء تصرف المالك .
3 – نسبة الشيء إلى المتصرف .
4 – استمرار الحيازة مدة طويلة دون انقطاع .
5 – عدم وجود منازعة في الحيازة .
6 – ألا يكون وضع اليد لسبب غير مشروع .
وينبغي التمييز بين الحيازة بالمعنى السابق أعلاه ، والحيازة بمعنى السيطرة المادية المحضة المجردة من نية التملك وهي التي تعرف بالحيازة العرضية ، كحيازة الوكيل أو المستأجر و المستعير و المرتهن و الحارس و الخادم .
ودعاوي الحيازة المعروفة هي : منع التعرض ووقف الأعمال الجديدة و استرداد الحيازة .
وبشكل عام فالدعاوي العقارية هي كل دعوى ترمي إلى حماية حق من الحقوق العينية العقارية ومنها :
1 – دعوى الاستحقاق للعقار التي يرفعها المالك لتثبيت حقه واسترداد العقار من حائزه الذي ترامى له عليه .
2 – دعوى تثبيت حق من الحقوق العينية العقارية المتفرعة عن الملكية ، كالانتفاع الواقع على العقار والسطحية ، والارتفاق ، أو حق من الحقوق العينية التبعية كالرهن العقاري و الرهن الرسمي والامتياز الواقع على عقار .
3 – دعوى قسمة الأموال العقارية سواء كانت قسمة بتية نهائية أو كانت استغلالية غير نهائية .
4 – دعوى منع التعرض بحق من الحقوق المذكورة والتي يرفعها المالك على ما يدعي له على عقاره حقا من هذه الحقوق .
5 – دعاوي الحيازة التي تحمي وضع اليد كمظهر للملكية والتي اعتبارها في حكم الدعاوي العقارية .
المبحث الثاني : دعوى طرد محتل بدون سند قانوني .
إن دعوى الحيازة هي دعوى مكن المشرع بها الحائز من درء التعرض لحيازته دون النظر إلى ملكيته فهي حق للحائز ، وتكون خاصة بالحقوق العينية العقارية الجائز التعامل عليها والقابلة للحيازة والتملك ، والغصب الذي يعيب الحيازة هو كل اعتداء أو إكراه مادي أو معنوي من الغير بقصد سلب الحيازة .
مما يبين منه أن دعوى الطرد للغصب يبقى الغرض منها حماية الحق في استعمال الشيء واستغلاله باسترداده من واضع اليد عليه بغير حق سواء كان وضع يده بغير سند أو كان بسبب قانوني ثم زال السبب واستمر واضعاً يده عليه .
وعليه فعندما نريد دراسة هذا الموضوع إلا ويغمرنا فضول كبير يتعلق بالرغبة الملحة في معرفة هاته الدعوى والتعمق في معانيها بشكل دقيق ، نظرا لقلة الكتابات التي عملت وقامت بدراسة هذا الموضوع بنوع من الإسهاب والتفصيل بالتالي فلدراسة دعوى طرد محتل بدون سند قانوني آثرنا التركيز قدر المستطاع على مجمل الشروط الواجب توافرها من أجل ممارستها سواء شروط منها شكلية أو موضوعية كمطلب أول على أن نخلص في نهاية بحثنا هذا للآثار الناتجة عن رفع هذه الدعوى والتي بطبيعة الحال سنعالجها في المطلب الثاني .
المطلب الأول : شروط رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني .
رغم أن الفصل 149 من ق م م لم ينص صراحة على اختصاص قاضي المستعجلات بخصوص دعوى طرد واضع اليد على عقار بدون سند قانوني بخلاف قانون المسطرة المدنية الفرنسية الذي أعطى لقاضي المستعجلات في الفصلين 809 و 849 بالاختصاص بالنظر في طلبات إرجاع الحالة لرفع ضرر وشيك الوقوع أو لجعل حد لكل تعرض غير مشروع .
لكن القضاء المغربي قد درج منذ أمد طويل على اعتبار قاضي المستعجلات مختصا لجعل حد لكل استيلاء غير مشروع انطلاقا من فكرة أن وضع اليد على عقار بدون سند قانوني يكتسي بحد ذاته صيغة الاستعجال .
وكثيرا ما يرجع للقضاء المستعجل للبث في حالات من هذا النوع وتثبت واقعة الاحتلال بغير سند متى أقيم الدليل على أن واضع اليد يحوز العين أصلا بغير صفة أو حق قانوني كالمغتصب أو على أنه كان يحوزها أصلا بسبب قانوني ثم انتهى هذا السبب بالاتفاق أو بحكم من القضاء ورغم ذلك استمر واضعا يده على العين كحالة الوصي أو القيم الذي يستمر في وضع اليد على أموال القاصر والمحجوز عليه رغم رفع الوصاية أو القوامة كما المستأجر الذي يستمر في حيازة العين بعد انتهاء الإيجار أو بعد تحقق الشروط الفاسخ الصريح أو بعد الحكم بفسخ العقد أو بطلانه من محكمة الموضوع وكالمشتري أو الراسي عليه المزاد الذي يستمر في حيازة العين المبيعة .
وبهذا المعنى ورد في أحد القرارات الصادرة عن الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى ” أن قاضي الأمور المستعجلة مختص بطرد من يحتل عقارا محفظا دون أن يكون مسجلا برسمه العقاري كمالك ولو استظهر بعقد أو بأية وثيقة أخرى ترمي إلى تملكه ما دام العقد لم يسجل بعد في الرسم العقاري” .
بالتالي فإذا كان القضاء الاستعجالي هو المختص بالنظر في مثل هاته الدعاوي على اعتبارها من الدعاوي التي تعرف تطورا ونموا متزايدا وسريعا نظرا لما يعرفه المجتمع من أزمات سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية الأمر الذي يتطلب من رافع هاته الدعوى أن يحترم بعض الشروط الضرورية في رفعه لها و هاته الشروط منها شروط موضوعية ومنها شروط شكلية :
فللحديث عن الشروط الموضوعية نجد أن الفصلين 149 و 152 من ق م م والذي يستشف منهما أن المشرع المغربي أكد على ضرورة توافر شرطين أولهما الاستعجال والذي من خلال تصفحي وتفحصي لمجمل النصوص القانونية لم أجد له أي تعريف قانوني محض وإنما اقتصر الأمر على الاجتهاد القضائي و بعض التعاريف الفقهية لبعض الفقهاء والذين عملوا على تبيان تعريفه بحيث نجد أن ذ/ عبدالكريم الطالب عرفه بكونه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده .
ثم نجد البعض الآخر يعرفه بكونه ” قيام خطر حقيقي يخشى فوات الوقت وحدوث ضرر لا يمكن تلافيه إذا رجع المدعي لدرئه إلى القضاء العادي ، وطبقت لذلك المسطرة العادية من استدعاء الخصوم أمام المحكمة والتحقيق وإصدار الأحكام وسلوك طرق الطعن العادية بشأنها ” .
ثم نجد منشور لوزارة العدل رقم 283 بتاريخ 02 مارس 1966 والذي ينص على ما يلي : ” قاضي المستعجلات يكون مختصا بصفة عامة كلما اكتسبت القضية صفة الاستعجال ، ومعنى هذا أنه لا يكون مختصا في حالة عدم قيام الاستعجال ” .
لكن وبالرغم من أهمية عنصر الاستعجال فإن قبول الدعوى المستعجلة والتي تدخل ضمنها لا محالة دعوى طرد محتل بدون سند قانوني فيلزم ثانيا توافر عنصر موضوعي جد مهم والمتعلق بشرط عدم المساس بجوهر النزاع ، والذي اختلف في تعريفه كذلك الفقهاء بحيث نجد البعض عرفه بكونه ” كل ما يمس بالمركز القانوني للخصوم ، كأن يقضي في أصل الحقوق والالتزامات والاتفاقات التي تتم بين الأطراف ” ، كما أنه في نظر البعض الآخر ” كل ما من شأنه أن يمس بالسبب القانوني المحدد لحقوق والتزامات الأطراف بعضهم تجاه بعض ” .
وبالموازاة مع الشروط الموضوعية هناك شروط شكلية لابد من توافرها واحترامها من أجل رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني أمام القضاء الاستعجالي بصفة صحيحة وكاملة ولا تخلوها أية شائبة اللهم إن كان رافع هذه الدعوى سيتجه نحو القضاء العادي ، وفي حالة إتباعه للمسطرة الاستعجالية يجب الحرص على التطبيق السليم للفصلين 150 و 151 من قانون المسطرة المدنية والذين عملا على تبيان كافة الشروط الشكلية وبتفصيل .
وعليه فبعد استيفاء رافع الدعوى لكافة الشروط سواء منها الموضوعية أو الشكلية آنذاك تصبح دعوى طرد محتل قائمة بذاتها ويمكن أن يتقدم المتضرر للسيد رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها محل النزاع ، ونجد أن دعوى طرد محتل هناك من اعتبرها من الدعاوي الاستعجالية المحضة باعتبارها تعالج أمر مستعجل ووقتي ولا تمس جوهر النزاع و هناك من اعتبرها من الدعاوي العادية ما دام الأمر يتعلق باعتداء على ملكية العقار ، وعلل أصحاب هذا التوجه بأمر استعجالي والذي قضى بما يلي ” وحيث أنه وإن كان من المتفق عليه فقها أن وجود نصوص خاصة تتعلق ببعض الدعاوى كالفصل 166 وما بعده من ق م م لا يمنع من إقامة دعاوي استعجالية لحماية الحقوق مؤقتا فإن ذلك مشروط بوجود حالة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق ” .
المطلب الثاني : آثار رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني .
تبقى دعوى طرد محتل من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمى حقه في استعمال الشيء و استغلاله فيسترده ممن وضع اليد عليه بغير حق سواء أكان قد وضع اليد بسبب قانوني ثم زال هذا السبب و استمر واضعاً اليد وهى بذلك تختلف عن دعوى استرداد الحيازة التي يرفعها الحائز حتى ولو لم يكن صاحب الحق الذي كانت له حيازة قائمة وقت الاعتداء ثم اعتدى على حيازته بغير رضاه فانتزعت منه خفية أو بالقوة .
بالتالي فللحديث عن هذه الدعوى إلا ويتبادر للذهن أن هناك في غالب الأحيان طرفين المدعي وهو مالك الأصل المتنازع حوله والمدعى عليه وهو الشخص الذي يوجد في حالة غصب واحتلال لهذا الملك ، بالتالي فدعوى طرد محتل تنجم عنها قطعا آثارا قانونية صرفة تتعلق برافع الدعوى أي صاحب الحق المغتصب والمدعى عليه مغتصب هذا الحق المملوك للغير أو محتله ، وعليه تبين لنا معالجة مختلف آثار هذه الدعوى بشقين بحيث نتناول الآثار بالنسبة للمدعي ثم نعرج للحديث عن الآثار بالنسبة للمدعى عليه :
• الآثار المترتبة عن رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني بالنسبة للمدعي :
إنه في دعوى طرد محتل بدون سند قانوني يبقى رافع الدعوى وفي حالة إثباته لملكية أو لحيازة الشيء المدعى عليه ، وخلوه من كل الشوائب والمنازعات القانونية وكذا إثباته للعلاقة الرابطة بينه وبين المدعى عليه أي المحتل وسبب احتلال هذا الأخير للملك وعدم وجود رابطة قانونية بينهما ، فإنه تبقى النتيجة الحتمية هي حصول المدعي على الشيء المتنازع حوله و إرجاع حق الملكية لصاحبها ، هذا مع اعتبار أن المحتل يقوم باستغلال واستعمال الشيء بدون وجه حق .
• الآثار المترتبة عن رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني بالنسبة للمدعى عليه :
مما لا شك فيه أن دعوى طرد محتل بدون سند قانوني وفي حالة وجود المدعى عليه في حالة احتلال وغصب واستغلال لحق ليس له فيه أية علاقة سواء منها العلاقة القانونية أو الاتفاقية إلا وينتج عنه أثر قانوني له من الأهمية بمكان في إرجاع الحالة لما كانت عليه في بداية استعماله له وطرده من العقار الذي يحتله بدون سند قانوني وإرجاعه لصاحب الحق فيه ، هذا طبعا يلزم ضرورة توفر المدعي لوثائق وحجج قوية تثبت ملكيته للعقار المحتل ، وعدم توفر المدعى علية لأية سندات تثبت بقاءه في استعمال واستغلال هذا الملك ، وعليه فالنتيجة الحتمية بالنسبة للمدعى عليه هي طرده وإفراغه من المحل المتنازع حوله ، أما إذا كانت للمدعى علية حجج وبراهين تثبت سبب تواجده بالمحل وغيابها لدى المدعي فإن المدعى عليه يستمر في تواجده بقوة القانون ولا يعتبر آنذاك محتلا وغاصبا للحق .
خاتمة :
وختاما فكما سبق وذكرت فإن دعوى طرد محتل من الدعاوي التي تعرف تزايدا مرتفعا في عددها نظرا لما يعتري مجال العقار من قصور تشريعي ، وما الدليل على ذلك كون المشرع المغربي سارع في سن ترسانة قانونية تعنى بالمجال العقاري وذلك عبر إخراج قانون رقم 12/67 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني ، وكذا قانون عدد 49/16 والمتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي أضف إلى ذلك القانون رقم 39/08 المتعلق بالحقوق العينية وغيرها من القوانين العاملة على حماية العقار من تعسف الغير عليه .
وعند بسطنا للموضوع تبين لنا أنه هناك غموض من حيث الجهة المختصة في النظر لدعوى طرد محتل فتارة نجد أن البعض يؤكد على اختصاص القضاء المستعجل مع تأكيد أصحاب هذا النهج على ضرورة توفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بالجوهر ، وتارة أخرى نجد أن البعض الآخر يؤكد على أن الاختصاص يعود للقضاء العادي والذي يعرف طول مسطرة التقاضي وأصحاب هذا الدفع يؤيدون طرحهم هذا بكون دعوى طرد محتل من الدعاوي العقارية التي تنصب على ملكية وحيازة العقار بالتالي فهي من الدعاوي العقارية العادية التي تبقى من اختصاص القضاء العادي ، ومن جهتنا نجد أن أصحاب الرأيين هما على حق فما دامت الدعوى تتضمن عنصري الاستعجال وعدم المساس بالجوهر فهي من اختصاص القضاء الاستعجالي وعند عدم وجود هذين الشرطين فالقضاء العادي يبقى هو صاحب الولاية ، إلا أننا نجد أنفسنا مجبرين على جعل هذا النقاش والاختلاف هو محط دراسات ودراسات من أجل تحديد الجهة المختصة بشكل واضح ولا يكتنفه الغموض الأمر الذي يجعل المشرع مطالب بوضع حد فاصل للموضوع هذا بالموازاة مع دراسات الباحثين والفقهاء وكذا رجال القضاء في إثارة هذا الطرح والعمل قدر المستطاع على تجاوزه .
المراجع :
– ظهير شريف 09 رمضان 1331 موافق ل 13 غشت 1913 كما تم تتميمه وتعديله .
– مامون الكزبري ، نظرية الالتزامات والعقود في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي ، الجزء الأول : مصادر الالتزامات ، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1968 ، ص 30 .
– مدونة الأستاذ عبدالعزيز أبو عجاج مدونة قانونية مصرية يشرف على تحريرها الأستاذ عبدالعزيز أبو عجاج المحامي : موقع abdelazizagag .blogspot.com/2014/09/blog-post_63.html?m=1
– ظهير شريف رقم 1.11.117 صادر بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 موافق ل 22 نونبر 2011 بتنفيذ القانون رقم 14/07 المغير والمتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 09 رمضان 1331 موافق ل 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري .
– الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي ، للدكتور محمد بن معجوز ، ص 23 – طبعة دار النجاح الجديدة ، البيضاء ، 1419 – 1999 ، الطبعة الثانية ، يرجع في هذا الشأن كذلك إلى مؤلف ابراهيم بحماني ” تنفيذ الأحكام العقارية ” ، الصفحة 27 مطبعة النجاح الجديدة ، 1422 ه – 2001 م ، الطبعة الأولى .
– البهجة في شرح التحفة ، لأبي الحسن علي بن عبدالسلام التسولي ، الجزء الثاني ، الصفحة 15 دار المعرفة الدارالبيضاء الطبعة الأولى 1418 ه 1998 م .
– الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي لابن معجوز ص 23 طبعة دار النجاح الجديدة 1419 – 1999 م الطبعة الثانية .
– بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكساني ، الجزء 7 ص 216 دار الفكر للطباعة والتوزيع ، بيروت الطبعة الأولى 1917 – 1996 م .
– القاموس الفقهي لغة واصطلاحا ، تأليف سعدي أبو حبيب ص 257 دار الفكر بيروت الطبعة الثانية 1408 ه 1988 م .
– محاضرات الأستاذ بخنيف أستاذ القانون العقاري بكلية الحقوق فاس .
– ذ/ العلوي العبداللاوي ، القانون القضائي الخاص ، الطبعة الأولى الجزء الثاني الصفحة 113 .
– قرار المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 688 بتاريخ 04/10/1978 في الملف المدني 942 مجلة المحاماة سنة 1979 .
– ذ/ عبدالكريم الطالب ” الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ” طبعة 2013 أحال بخصوصه على : محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل و محمد فاروق راتب ، قضاء الأمور المستعجلة ، نشر عالم الكتب القاهرة ، الطبعة السادسة ف 14 ، ص 30 .
– ذ/ عبداللطيف هداية الله القضاء المستعجل في القانون المغربي ” مطبعة النجاح الجديدة طبعة 1998 .
– مقال منشور بموقع www .marocdroit.com محمد رياض ” الإفراغ للاحتلال في إطار القضاء الاستعجالي على ضوء القانون والاجتهاد القضائي .
– محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب ، قضاء الأمور المستعجلة نشر عالم الكتب القاهرة ، الطبعة السادسة ف 14 ص 40 و 41 .
– عبدالواحد الجراري ، تعقيب على رد اتجاهات في العمل القضائي الاستعجالي للرئيس الأول ، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي ، عدد 16 ابريل 1986 ، ص 37 وما يليها .
– أمر استعجالي عدد 86/87 بتاريخ 29/05/1986 في الملف المستعجل عدد 50/86 صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بتازه ومنشور بمجلة المعيار عدد 11 ص 87 .
الفهرس :
توطئة
المبحث الأول : التأصيل القانوني للدعوى العقارية وأنواعها …………………………………….03
المطلب الأول : الإطار العام للعقار في التشريع المغربي ………………………………………. 03
المطلب الثاني : الدعاوي العقارية وأنواعها …………………………………………………….. 04
المبحث الثاني : دعوى طرد محتل بدون سند قانوني …………………………………………….05
المطلب الأول : شروط رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني ……………………………….. 06
المطلب الثاني : آثار رفع دعوى طرد محتل بدون سند قانوني …………………………………. 09
خاتمة ……………………………………………………………………………………………10
المراجع ……………………………………………………………………………………….. 11
الفهرس ………………………………………………………………………………………… 13
مايو 29, 2023 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أكتوبر 29, 2021 0