مارس 30, 2017 محمد أبودار بحوث قانونية 0
مقـــدمــة
يحتل النظام البنكي مكانة هامة في جل الأنظمة القانونية والاقتصادية، باعتباره حلقة وصل ما بين المستثمرين الذين يبحثون عن الأموال الضرورية من أجل تمويل مشاريعهم، وبين الزبناء الذين يبحثون عن الاستفادة من مختلف العمليات والخدمات التي تقدمها مؤسسات الائتمان.
ولأجل تحقيق الغايات السابقة، فإن الأبناك تحاول قدر المستطاع العمل على تمويل عدد كبير من المشروعات عن طريق القروض التي تقدمها، حتى تستفيد بالمقابل من الفوائد التي تفرضها بمناسبة تمويل المشاريع ومنح الائتمان.
إلا أنه لما كانت الإمكانيات المتاحة أمام المؤسسات البنكية جد محدودة، فإنها تحاول بالمقابل إبرام عدة عقود مع زبنائها من أجل الحصول على سيولة إضافية كي تستعملها كأداة حيوية للقيام بنشاطها.
ولعل عقد الوديعة النقدية يعتبر من أهم العقود البنكية التي تبرمها الأبناك مع عملائها، بالنظر إلى أنه يلبي حاجة مؤسسات الائتمان من الأموال اللازمة لتمويل المشاريع، كما يلبي حاجة العملاء الذي يبحثون عن فتح حسابات بنكية من أجل الاستفادة من مختلف الخدمات التي تقدمها الأبناك لأصحاب الودائع النقدية، وخاصة ما يتعلق بخدمات الصندوق، واستخلاص ووفاء الأوراق التجارية، وعمليات التحويل البنكي…
وإذا كان المشرع المغربي قد عمل على تنظيم عقد الوديعة النقدية بكل من مدونة التجارة والقانون البنكي، فإن الأعراف والعادات المهنية البنكية قد أثرت عليه لا من حيث إبرامه، وتنظيم مختلف العمليات التي يشملها، ولا من حيث إثباته،….
وأمام الأهمية الكبيرة التي يحتلها عقد إيداع النقود بالنسبة للأبناك، فإن المشرع المغربي ألزم مؤسسات الائتمان باحترام مجموعة من الالتزامات التي من شأنها أن تؤدي إلى حماية المودع باعتباره الطرف الضعيف في عقد الوديعة النقدية. كما أن القضاء بدوره اعتاد على التشدد في التعامل مع المؤسسات البنكية باعتبارها مودعا لديه محترفا ومهنيا.
ولما كانت الحماية هي أكبر الضمانات التي يبحث عنها المودع، فقد عمل التشريع المغربي كسائر الأنظمة القانونية المقارنة على جعل مسؤولية الرقابة على القطاع البنكي بيد السلطات النقدية، التي تراقب مدى تقيد مؤسسات الائتمان بقواعد الحيطة والحذر الواجب عليها احترامها والعمل بها.
ولهذا السبب فقد أسند المشرع المغربي لوالي بنك المغرب عددا من السلطات التي تمكنه من بسط رقابته على المؤسسات البنكية العاملة تحت رقابته، من أجل ضمان حسن سيرها وإدارتها بغية الحفاظ على سمعة وثقة العملاء في النظام البنكي المغربي.
ومن أجل ضمان رقابة صارمة وفعالة للجهاز البنكي، فإن له اتخاذ عدة تدابير احترازية، وفرض عدة عقوبات تأديبية لجبر مؤسسات الائتمان على التقيد بالإجراءات القانونية، والقواعد التقنية الواجب عليها العمل بها.
وتكريسا للحماية المقررة للمودع في جميع التشريعات الحديثة، فقد عمل المشرع المغربي على إحداث مؤسسة لضمان الودائع من أجل زرع الثقة في نفوس المودعين، وحثهم على إيداع أموالهم بالمؤسسات البنكية قصد استخدامها في منح الائتمان وتمويل المشروعات، خاصة و أن عدة أنظمة قانونية أنشأت صناديق لضمان الودائع بعد تكاثر الأزمات المالية التي تعترض عمل المؤسسات المالية.
و هو ما جعل نظام ضمان الودائع أمرا لا مناص منه من أجل تعزيز ثقة الزبناء في النظام البنكي، عن طريق قيامه بدور وقائي يكمن في مساعدة مؤسسات الائتمان التي تعاني من صعوبات، إضافة إلى دوره العلاجي المتمثل في تعويض المودعين في حالة تصفية المؤسسة البنكية المودع لديها.
ولما كان هاجس الأبناك المتمثل في استقطاب أكبر قدر ممكن من الودائع، يصطدم بتخوف العملاء من ضياع ودائعهم جراء تصفية مؤسسة الائتمان التي أودعوا بها أموالهم، فإن المشرع المغربي كان مرغما على إحاطة عقد الوديعة النقدية بعدة ضمانات لتوفير الحماية اللازمة للمودعين.
وفي هذا الإطار يثار الإشكال المتعلق بمدى تمكن المشرع المغربي من التوفيق بين ثنائية حث الزبناء على إيداع نقودهم بالأبناك، وبين العمل على حماية المودعين وزرع الثقة في نفوسهم على قدرة المؤسسة البنكية على حفظها وردها إليهم؟.
و مما سبق فإن دراستنا لهذا الموضوع ستكون على الشكل التالي:
الفصل الأول: الإطار القانوني للودائع النقدية.
الفصل الثاني: ضمانات حماية الودائع النقدية.
مايو 29, 2023 0
يونيو 01, 2022 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أبريل 11, 2017 0
أبريل 11, 2017 0
مارس 30, 2017 0
مارس 20, 2017 2