مارس 30, 2017 محمد أبودار بحوث قانونية 0
مقدمة
يقوم البنك بنشاط هام في الحياة الاقتصادية المعاصرة، باعتباره الممول الأساسي للأنشطة الاقتصادية، وملجأ المستثمرين الباحثين عن الاستفادة من خبراته وخدماته الواسعة، سواء كأفراد ذاتيين أم كشركات.
والبنك إذ يضطلع بهذه المهام الأساسية، يعتمد على مجموعة من المبادئ الثابتة التي كرستها المعاملات، والأعراف البنكية منذ زمن طويل، حتى تحولت إلى قواعد قانونية راسخة في التعاملات البنكية.
ويأتي مبدأ الالتزام بالسر المهني البنكي للزبون في مصاف هذه المبادئ، حيث يلتزم البنك بمقتضاه بعدم إفشاء الأسرار البنكية التي أودعها لديه زبناؤه، أو اطلع عليها بمناسبة ممارسته لمهامه، وكل إخلال بهذا الالتزام يعرض البنك للمسؤولية.
هذه المسؤولية التي تطورت مع تطور هذا المبدأ، وانتشاره بين دول العالم، حيث ثم تجريم إفشاء المعلومات الائتمانية التي أودعها الزبون لدى البنك، ليس فقط حماية لمصالحه المالية والأدبية، ولكن أيضا لحماية الثقة في البنوك، كمؤسسات مالية واقتصادية تباشر مهنة هامة اجتماعيا واقتصاديا، فضلا عن حماية المصلحة العامة في تدعيم الائتمان وتوفير المناخ المناسب للاستثمار والاستقرار الاقتصادي.
وتنبني هذه الحماية على مسؤولية مزدوجة: إما على نصوص خاصة في الدول التي تعتمد قوانين خاصة بالسرية البنكية، وإما على نصوص جنائية عامة تتعلق بأسرار المهنة بشكل عام.
كما يحفظ للزبون المتضرر حق اللجوء إلى الدعوى المدنية، للمطالبة بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء ما قام به البنك من إفشاء لأسراره في إطار المسؤولية المدنية.
وتندرج المسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي في التشريع المغربي، في إطار المادة 79 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، الصادر في 14 فبراير 2006، التي ألزمت مجموعة من الأشخاص بكتمان السر المهني الذي اطلعت عليه بمناسبة ممارسة مهامها، وإخلالها بهذا الالتزام يعرضها للمسؤولية الجنائية المنصوص عليها في الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي.
ويتحدد الإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي حسب ما تقضي به المادة 79 من القانون البنكي الجديد، في أشخاص هذا الالتزام، وكذلك من حيث مضمونه.
كما يتسع نطاق هذه المسؤولية من حيث الأشخاص ليشمل إضافة إلى البنك أو ممثليه، كل شخص يكون له حق المراقبة أو الاطلاع على المعلومات البنكية. وكل إخلال بهذه المعلومات يعطي للزبون أو من يقوم مقامه، حق المساءلة باعتباره طرفا دائنا في هذا الالتزام.
لكن المادة 80 من القانون البنكي الجديد، حددت بعض الجهات التي لا يمكن مواجهتها بالسر المهني البنكي، والتي تتمثل في بنك المغرب، والسلطة القضائية العاملة في إطار مسطرة جنائية، إضافة إلى جهات أخرى منصوص عليها في باقي فروع القانون (إدارة الضرائب مثلا). ففي ظل هذه الحالات يعفى البنك من المسؤولية عن إفشاء السر المهني. الشيء الذي يخفف من صلابة هذه المسؤولية، ويبرز غنى هذا الموضوع وتشعبه.
إضافة إلى حالات الإعفاء المنصوص عليها قانونا، يعفى البنك من هذه المسؤولية بموجب الاتفاق، كأن يتنازل الزبون عن حقه في الالتزام بالسر المهني البنكي.
غير أن المسؤولية عن السر المهني البنكي، تواجهها مجموعة من الإكراهات في السنوات الأخيرة، خاصة مع انخراط البنوك في محاربة عمليات غسل الأموال وطنيا ودوليا، حيث أصبح البنك يواجه مسؤولية مزدوجة تتمثل؛ في عدم الإخلال بالسر المهني البنكي لزبنائه من جهة، والتزامه بمحاربة عمليات غسل الأموال من جهة ثانية، التي غالبا ما تتطلب كشف تلك السرية. كما ازدادت هذه المسؤولية تعقيدا مع تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة، التي توظفها البنوك والقائمة على أداء الخدمات البنكية الإلكترونية، فيما أصبح يعرف بنظام البنوك الإلكترونية، التي لا تسلم من الاختراقات مهما تطور نظام الحماية.
في ظل هذه الأوضاع السابقة:
هل ستبقى المسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي محافظة على كيانها، أم أنها ستختفي تدريجيا مع اختفاء السر المهني البنكي نفسه؟ خصوصا مع اتساع حالات الإعفاء من هذه المسؤولية، وازدياد أهمية دور الأبناك في مكافحة عمليات غسل الأموال؟.
لمعالجة هذه الإشكالية سنعتمد التصميم التالي:
-الفصل الأول: الإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي.
-الفصل الثاني: الجزاءات الناتجة عن إفشاء السر المهني البنكي.
مايو 29, 2023 0
يونيو 01, 2022 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أبريل 11, 2017 0
أبريل 11, 2017 0
مارس 30, 2017 0
مارس 20, 2017 2