مارس 02, 2017 محمد الامام العزاوي بحوث قانونية 0
إن النيابة العامة مصطلح يطلق في النظام القضائي المغربي على فئة من رجال القضاء, يوحدهم جميعا السلك القضائي ويشملهم النظام الأساسي لرجال القضاء فهي من حيث تكوين أعضائها وطريقة تعيينهم وترقيتهم, لا يختلفون في شيء عن قضاة الحكم, ومن حيث صلاحياتها فهي تجمع بين ما هو قضائي وما هو إداري.
وإذا كان الأصل في مهام النيابة العامة, أنها تقوم بتمثيل المجتمع في الدعوى الجنائية, والدفاع عن حقه في حياة آمنة, وحماية جميع أفراده, فإن جل التشريعات المعاصرة ارتأت أنه من المناسب أن يمتد هذا التمثيل إلى مساهمتها في الدعوى المدنية التي تكتسي صبغة خاصة, وذلك لتحقيق مصلحة عامة, أو حماية مراكز قانونية معينة جديرة بحماية المشرع.
وقد حدد قانون المسطرة المدنية المغربي دور النيابة العامة أمام القضاء المدني في الفصول من 6 إلى 10, والتي يستفاد منها أن النيابة العامة يمكن أن تكون طرفا رئيسيا أو منضما, حيث ينص الفصل 6 من ق م م على أنه: “يمكن للنيابة العامة أن تكون طرفا رئيسيا أو أن تتدخل كطرف منضم وتمثل الأغيار في الأحوال التي ينص عليها القانون”.
ولما كان قضاء الأسرة ينفرد بخصوصية عن القضاء المدني رغم أنه فرع من فروعه، لكونه يسعى إلى تحقيق مصلحة عامة هي مصلحة الأسرة, التي تمثل الخلية الأولى في المجتمع, صلاحه من صلاحها وفساده من فسادها. وما دامت الرابطة بين الأسرة والمجتمع جدلية على هذا النحو والنيابة العامة هي الساهرة على حماية المجتمع, فقد تم تخويلها أدوار مهمة في جميع القضايا المتعلقة بالأسرة, لتساهم بشكل فعال في الحفاظ على كيان الأسرة واستقرارها.
وفي هذا السياق جاء القانون رقم 70.03 المتعلق بمدونة الأسرة بمجموعة من المستجدات كان أهمها التحول الذي عرفته وضعية النيابة العامة ما بين مدونة الأحوال الشخصية ومدونة الأسرة الجديدة, حيث أصبحت طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكامها, لتسهر على التطبيق السليم لمقتضيات المدونة، خاصة وأن “هذه المدونة مهما تضمنت من عناصر الإصلاح, فإن تفعيلها يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل, وعصري وفعال, لاسيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية, أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها, ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل ماديا وبشريا ومسطريا, لتوفير كل شروط العدل والإنصاف, مع السرعة في البت في القضايا, والتعجيل بتنفيذها”.
وهكذا نصت المادة الثالثة من المدونة على أنه: “تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة”.
ومن جهة أخرى، فمجالات قضاء الأسرة تشمل حسب التنظيم القضائي للمملكة الصادر بتاريخ 1974.07.15 والمعدل بموازاة مع صدور مدونة الأسرة قضايا الأحوال الشخصية والميراث وقضايا الحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة.
لذلك, فتدخل النيابة العامة في قضايا الأسرة لا ينحصر في قضايا المدونة فحسب, بل يمتد ليشمل حماية نظام الحالة المدنية الذي يضبط الوقائع المدنية لأفراد الأسرة والأرضية التي يقوم على أساسها تحديد هويتهم, خاصة وأن هذه المؤسسة تكتسي صبغة خاصة, باعتبارها مظهرا من مظاهر الشخصية القانونية للفرد, ولتعلقها بالنظام العام للدولة.
وارتباطا بمؤسسة الأسرة, ولحماية أحد أركانها, وهم الأطفال اللذين قد يوجدون في وضعية صعبة، خول المشرع بمقتضى ظهير 13 يونيو 2002 المتعلق بالكفالة للنيابة العامة صلاحيات واسعة تسمح لها باتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل حماية هؤلاء الأطفال وتوفير الظروف الملائمة لنموهم في وسط يضمن احتياجاتهم اليومية, حيث تستمر هذه الحماية إلى أن يصبح الطفل المهمل قادرا على تحمل أعباء الحياة, وذلك ببلوغه سن الرشد القانوني.
وعليه, فالمشرع أوجب على النيابة العامة التدخل في جميع القضايا المتعلقة بالأسرة لتعلقها بالنظام العام, ولوجود أطراف ضعاف فيها وهم الأطفال المتخلى عنهم والجديرون بالحماية, والهدف من ذلك هو ضمان تطبيق القانون تحقيقا للمصلحة العامة, وتجنب أي إهمال في الدفاع بخصوص قضية لها مساس بالنظام العام, وتمتاز بخصوصية خاصة, فرغم أنها قد تهدف إلى حماية مصلحة خاصة فإن آثارها غير مقتصرة على الأطراف.
مايو 29, 2023 0
يونيو 01, 2022 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
أبريل 11, 2017 0
أبريل 11, 2017 0
مارس 30, 2017 0
مارس 30, 2017 0