يناير 24, 2017 afaqdroit إجتهادات قضائية, الرئيسية 0
الحمد لله وحده
المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
. أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
. بالمحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
بتاريخ : 24/10/2013
ملف رقم : 107/8/2013
باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ الخميس 20 ذي الحجة 1434 الموافق لـ 24 أكتوبر 2013
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
محمد الهيني …………………………..رئيسا ومقررا
أمينة ناوني……………………………..عضوا
معاذ العبودي ………………. …….عضوا
بحضور السيد سعيد المرتضي….. ……… مفوضا ملكيا
بمساعدة السيدة فاطمة الزهراء بوقرطاشى…. كاتبة الضبط
الحكم الآتي نصه
بين : السيدة ، ، عنوانها : ،والجاعلة محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ النقيب محمد زيان المحامي بهيئة الرباط……………………………………………………………………..من جهة
وبين :-الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
–وزارة الداخلية الممثلة من طرف وزيرها بمكاتبه بالرباط
–وزارة الاقتصاد والمالية الممثلة من طرف وزيرها بمكاتبه بالرباط
–الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية بمكاتبه بالرباط
– الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط .
–ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير في شخص الوالي بمكاتبه بالرباط ينوب عنها الأستاذ العربي الغرمول المحامي بهيئة الرباط…………………………………………..من جهة أخرى
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المسجل لدى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ بتاريخ 8 يوليوز 2013 المؤدى عنه الرسوم القضائية والذي تعرض فيه المدعية بواسطة نائبها أنها حاصلة على دبلوم ماستر ، وبتاريخ 8 أبريل 2011 صدر مرسوم بالجريدة الرسمية عدد 5933 يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، ويأذن من خلاله للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات، وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 ، وأنها مسجلة بلوائح التوظيف التي تضم حاملي الشهادات العليا المعطلة (مجموعة الوفاء الوطنية ) غير أنها فوجئت بإقصاء مجموعتها من التوظيف المباشر الذي تعهدت به الحكومة، وأن الإدارة لم تحترم مبدأ استمرارية المرفق العام، كما أن رئيس الحكومة رفض تنفيذ ما التزم به نظيره السابق الذي قام بالتوقيع على محضر 20 يوليوز 2011 إلى جانب وزير تحديث القطاعات العامة الذي تعهد من خلاله بإدماج حاملي الشهادات في أسلاك الوظيفة العمومية، ونظرا لكون هذا المحضر الموقع من طرف كل الأطراف المعنية قد تم بتاريخ 20 يوليوز 2011 وأن المجموعة المنضوية في إطارها تعد من بين المجموعات الموقعة عليه، واسمها مدرج بلائحة المعطلين المؤشر عليها من طرف الوزير الأول ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير، والوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، وأنه لا مجال للإحتجاج بالقانون رقم 05.50 ونسخ أحكامه للقوانين السابقة على اعتبار أن هذا الأخير المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وقبل دخول المرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بالمباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير 2012، ولكون المحضر كان قانونيا، واللائحة المؤشر عليها توجد بها كل أسماء المجموعات الموقعة على المحضر المذكور ، وأمام رفض الإدارة القيام بالتوظيف المتعهد به، وعدم برمجة المناصب المالية المخصصة لهذه العملية بالقانون المالي لسنة 2012 ، لأجل ذلك ، تلتمس الحكم على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية الخاصة بتسوية وضعيتها الإدارية والمالية وإدماجها في أسلاك الوظيفة العمومية، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفق المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 وجعل الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل مع الصائر ، وأرفق المقال بصور طبق الأصل لشهادة جامعية، ومحضر 20 يوليوز ولائحة المعطلين للمجموعة .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائية للمملكة بصفته هذه ونيابة عن رئيس الحكومة ووزير الإقتصاد والمالية ووزير الداخلية والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير عامل عمالة الرباط، المؤشر عليها بتاريخ 17 سبتمبر 2013 والتي التمس فيها أساسا عدم قبول الدعوى لكونها أدرجت في غير المسلك المقرر لها قانونا، لكون مطالب المدعي لا تسمح بالقول بأنها تندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، ولعدم جواز توجيه أوامر للإدارة ولانعدام صفة المدعي في رفع دعواه الحالية، حيث ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 أنه : ” سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف . يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 بتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 ” مما يدل على أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها، ولم يتم حصرها من طرف الإدارة ، مما تبقى معه صفة المدعي غير ثابتة ما دام أن الصفة يجب أن تستمد من حق شخصي معترف به ومركز قانوني فردي ناشئ ومستكمل لشروطه، واحتياطيا من حيث الموضوع التصريح برفض الطلب على اعتبار أن المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق ، وهي المقتضات المنصوص عليها في الفصل 22 من قانون الوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 ، ولكون طلب المدعي يمس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر دستوريا، فضلا على أن الفصل 6 من الدستور اعتبر أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين متساوون أمامه، وأن المحضر المحتج به من لدن المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه طالما أن المحضر غير موقع من طرف رئيس الحكومة، ويتعارض ومقتضيات الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يسمح بالتوظيف المباشر في الأسلاك العمومية، وإنما يوجب اجتياز المباراة.
وبناء على المذكرة الجوابية المقدمة من طرف نائب ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 4-10-2013 والتي تلتمس فيها إخراجها من الدعوى لانتفاء علاقتها بالنزاع.
وبناء على عرض القضية بجلسة 10-10-2013 حضر خلالها نواب الأطراف ،والتمس ممثل الوكالة القضائية للمملكة إمهاله للتعقيب على ملتمس الإخراج ،وأكد باقي الأطراف ما سبق ،فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة،وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية الرامية للاستجابة للطلب فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
التعليل
وبعد المداولة طبقا للقانون
من حيث الشكل :
حيث دفعت الوكالة القضائية للمملكة بعدم قبول الطلب للسببين التاليين تتولى المحكمة ترتيب الإجابة عنهما وفق الشكل القانوني التالي -بخلاف الشكل المقدم بهما– :
أولا: انعدام صفة المدعي.
ثانيا: ورود الطلب على غير المسلك والصيغة المتطلبة قانونا.
أولا: حول الدفع بانعدام الصفة :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها أن صفة المدعي غير ثابتة، طالما أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها ولم يتم حصرها من طرف الإدارة، طبقا لما ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 .
وحيث إن الصفة هي علاقة الشخص رافع الدعوى بالحق موضوع التداعي ،بنسبة الحق إليه ، يستمدها من كونه صاحب الحق.
وحيث إن ثبوت توافر المدعي على الشروط المطلوبة لاستحقاق الحق موضوع دعوى التسوية من حيث الشهادة المطلوبة وورود إسمه ضم لائحة المعنيين بالتوظيف المباشر المؤشر عليها من طرف الإدارة، يجعله ذات صفة ومصلحة أكيدة للتقاضي بشأنه .
وحيث إن الدفع بكون اللائحة غير محينة وغير مكتملة الإجراءات الملزمة بالنسبة للحكومة مصدرة المحضر، دفع يهم تقصير الإدارة نفسها مثيرته عن إتخاذ مثل الإجراءات موضوع النعي لا صفة للمدعي في سلوكها باعتبارها إجراءات إدارية من صميم الاختصاص الحصري للإدارة ،مما يكون معه الدفع غير جدي وجدير بعدم الالتفات إليه.
ثانيا :حول الدفع باندراج الطلب في غير المسلك المقرر قانونا:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بكون الطلب لا يندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب فقط الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية.
وحيث إن التساؤلات الذي تطرحها النازلة تتمحور حول :
هل دعوى تسوية الوضعية الفردية تخاطب فقط الموظفين المعينين؟،وهل عدم صدور قرار إداري فردي بالتوظيف مانع من قبول دعوى التسوية ؟ وما هي الدعوى التي تؤطرها مثل هذه النوازل ؟ أي حول كيفية تنزيل هذا الحق على أرض الواقع ،وذلك بواسطة المسطرة المقررة في قانون الوظيفة العمومية حالة تردد الإدارة أو تلكؤها في إصدار مثل هذا القرار رغم ثبوت الحق فيه قانونا؟ طالما أنه لا يجوز قانونا وفقها وقضاء ترك تنفيذ الالتزام على محض إرادة الإدارة “المدينة”،وما هي ضمانات حماية حقوق الدائن بالالتزام؟.
وحيث يقصد بمصطلح الموظف العمومي، حسب ما جاء في الفصل الثاني من النظام الأساسي للوظيفة العمومية:” كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة“.
وحيث إن نجاح المترشح للمبارة أو قبوله في مسطرة الانتقاء وتعنت الإدارة في عدم إصدار قرار بتعيينه أو صدور قرار تنظيمي بإدماج المعطلين في صورة مرسوم صادر بتاريخ 8 -4-2011 وامتناع عن الإدارة عن تفعيله رغم توقيعها على محضر تنفيذي له،يطرح آلية ترتيب الآثار القانونية على هذا الامتناع التي لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا من خلال مسطرة التسوية ،لأن دعوى الإلغاء قاصرة عن ترتيب الآثار المطلوبة ،لأنها ليست من دعاوى الإلزام ؟ .
1-حول ماهية ونطاق دعوى التسوية:
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 17 أكتوبر 1996″ إن مصطلح “الوضعية الفردية” كما ورد في الفصل الثامن من القانون رقم 90-41 بإحداث محاكم إدارية يشمل جميع الحالات التي تعتري الموظف وهو يعمل مع الإدارة سواء فيما يرجع لترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره و مستحقاته.
القاضي الإداري و هو يناقش هذه الوضعية يقتصر على مراقبة مدى احترام الإدارة للمشروعية ومدى تقيدها بالقوانين و الأنظمة المعمول بها وهو بذلك لا يوجه أوامر للإدارة و لا يحل محلها و لا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها”
إن مدلول الوضعية الفردية كما استقر على ذلك قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض جاء على إطلاقه دون تقييد أو حصر ،وأنه يشمل جميع الحالات والأوضاع التي تعتري الموظف وهو يعمل في خدمة الإدارة سواء فيها يتعلق بتسميته في وظيفة معينة أو ترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره ومستحقاته إلى غير ذلك من الدعاوى التي يمكن أن يقيمها ضد الإدارة من أجل تسوية هاته الوضعية مما ينعكس إيجابا أو سلبا على وضعيته الإدارية أو المادية حسب الأحوال.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية يدخل ضمنه مختلف الأوضاع القانونية المؤثرة على تسمية الموظف في الوظيفة من قبيل خطأ الإدارة في عدم التعيين رغم النجاح “يراجع بشأن هذه الحالة التظلم الوارد بتقرير مؤسسة وسيط المملكة لسنة 2012 الصفحة 69 المنشور بالموقع الإلكتروني للمؤسسة” أو عدم الولوج رغم استيفاء الشروط النظامية أو تجاوز المسطرة القانونية في ذلك قبولا أو رفضا بدون وجه حق،والقول بخلاف ذلك،بكون المشرع يخاطب الموظف المعين فيه إهدار للحماية القضائية ،وتحصينا لقرار غير مشروع ،وفيه أيضا تجاوز للقانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي نظم وضعيات الموظفين إلى جانب وضعيات الولوج للوظيفة وأطلق عليها”التوظيف”( الباب الرابع من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المعنون ب”الانخراط في الوظيفة العمومية –الجزء الأول :التوظيف” الفصل 21 وما يليه منه) ،رغم أن الموظف لم يكتسب في هذه الأحوال بعد صفة الموظف ،لذلك فإن مدلول الموظف ينصرف إلى الموظف بحسب الطبيعة أو المآل”الموظف الخاضع لمسطرة الولوج”،لذلك فإن من حق الطاعن أن يقاضي الإدارة في نطاق الوضعية الفردية في إطار دعوى القضاء الشامل و لا يكون ملزما بسلوك دعوى الإلغاء.
2-نظرية الموظف بالمآل :
حيث أكد اجتهاد هذه المحكمة نظرية الموظف بالمآل بموجب حكم حديث رقم : 1904 صادر بتاريخ 23-5-2013 ملف رقم : 75/5/2013جاء فيه” حيث أسست المدعية الطلب على واقعة حرمانها من حق الولوج إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم التأهيلي برسم المرسوم الدراسي 2012-2013 لكونها اجتازت المباراة المذكورة وصنفت في المرتبة الثانية ضمن لائحة الانتظار حسب الاستحقاق الثابت من ملحق اللائحة النهائية للناجحين في الاختبارات والشفوية وذلك بعد انسحاب بعض المرشحين الناجحين في المباراة
وحيث تبعا للمرسوم المنظم لمباريات التوظيف في المناصب العمومية والضمانات المقررة للمتبارين تكون لائحة الانتظار والأشخاص المرتبين فيها حسب الاستحقاق ضمن الناجحين بمجرد تخلي أحد المرشحين الناجحين في المبارة ضمن اللائحة النهائية ،ولا يحتاج تعويضه إلى أي إجراء أو شرط باعتباره حقا مقررا بقوة القانون ،مع وجوب احترام ترتيب لائحة الاستحقاق تطبيقا لمبدأ المساواة
وحيث إن تأخر الإدارة في استدعاء المدعية لتعويض الناجحين المنسحبين من المنصب تتحمله مسؤوليته القانونية،ولا يمكن أن ينهض مبررا لحرمانها من الحق في تقلد الوظائف العمومية طبقا للفصل31 من الدستور،طالما أنه يمكنها إجراء تكوين سريع لفائدتها،لأن حقها حق أكيد وثابت قانونا وليس مجرد حق محتمل، يتوقف تنزيله على أرض الواقع مباشرة الإدارة لإجراءات تفعيله إداريا وماليا،مما يكون معه المقرر المطعون فيه مشوب بالتجاوز في استعمال السلطة لعيب مخالفة القانون وواجب الإلغاء وطلب تسوية الوضعية الفردية والمالية مؤسس مما يتعين معه الاستجابة له“.
وحيث لئن كان الاجتهاد القضائي الإداري المقارن ولاسيما قضاء مجلس الدولة الفرنسي لم يعرف النظرية المذكورة فذلك راجع بصفة أساسية لعدم وجود مثل هذه المسلكيات الإدارية المناقضة في جوهرها للشرعية ،لأنه لا يتصور عقلا ولا منطقا هنالك التحلل من تنفيذ الالتزامات الإدارية والوظيفية.
3-حول أجل رفع الدعوى
حيث استقر اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن مناط التمييز بين دعوى قضاء الإلغاء ودعوى القضاء الشامل في مجال الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في المرافق العامة هو مصدر الحق المطالب به،وعليه فإذا كان هذا الحق يجد سنده في القانون مباشرة بحيث يقتصر دور الإدارة على تطبيق القانون على حالة من يعنيه الأمر كإجراء تنفيذي فقط فإن المنازعة في هذه الحالة تصنف ضمن القضاء الشامل كما في نازلة الحال ،ودون أن يكون صاحب الشأن مقيدا بأي أجل قصد اللجوء إلى القضاء ،أما إذا كان الحق المدعى به مستمدا من قرار إداري فإنه لا يمكن تجاوز أجل الطعن بالإلغاء كما هو محدد قانونا.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية الفردية موضوع النازلة ليس من شأنه التعرض لقرارات متحصنة،ومن جهة ثانية، ،فإن المرجعية التي يعتمدها المدعي في طلبه هي مرجعية قانونية تجد سندها في المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 المنفذ بمقتضى محضر 20 يوليوز 2011 الأمر الذي يبقى معه الدفع المثار غير قائم على أساس.
4-طبيعة النص التنظيمي وإنشاء المراكز القانونية الفردية:
حيث إن مفهوم دعوى التسوية كما حددته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض لا يقتصر على حالة معينة بذاتها والأوضاع التي ساقتها القرارات المتواترة لها تترك الباب مفتوحا لاستيعاب أي دعوى إدارية هادفة إلى استكمال الإجرءات الإدارية والمالية المستمدة من نص المرسوم أي من القانون الذي تكفل بالتنصيص على المناصب المالية وتوفيرها في ميزانية 2012 وحيث إن المنازعة الحالية تتأسس على مرسوم يكتسي صبغة قرار إداري تنظيمي تحصن من الطعن بمرور أجل الشهرين من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية الحاصل بتاريخ 8-4-2011 ،والذي أضحى بموجب ذلك نافدا بذاته دون أن يتوقف على إجراءات أخرى التي تعتبر في الحقيقة مجرد إجراء كاشف لوضعية قانونية مقررة سلفا وليس منشئ،ويمنع ويحظر سحبه ،لأن ذلك يعتبر مساس بمبدأ الحقوق المكتسبة وما تفرضه من استقرار الأوضاع الإدارية والثقة التي ينشدها الأطراف منه.
وحيث إن الدفع بكون المرسوم رقم 2.11.100 المؤرخ في 8 أبريل 2011 لا يعطي المدعي أي مركز باعتباره نصا تنظيميا عاما لا ينشئ مراكز قانونية فردية وحقوقا مكتسبة في ظل غياب قرار فردي يهم المدعي صادرا تطبيقا وإعمالا له، يبقى دفعا غير مؤسس لأن هناك فرق بين المرسوم “المفتوح”،أي المنشئ لمركز قانوني مباشر القابل للتطبيق بقوة القانون على من يعنيهم الأمر كما هو الحال مع مرسوم التوظيف المباشر ،والمرسوم “المقيد “القابل للتطبيق وفق شروط معينة قد لا تتوافر في جميع طوائف المعنيين به ،وفي جميع الأحوال فإن تفعيل المرسوم بمحضر تنفيذي له وإرفاقه بلوائح إسمية مؤشر عليها من طرف رئيس الحكومة يماثل إن لم يسمو عن أي قرار إداري فردي معلق على محض إرادة الإدارة إن شاءت أفرجت عنه وإن شاءت أغلقت بابه بدون ضابط ولا معيار قانوني إلا مشيئتها،لذلك ابتكر القضاء الإداري نظرية الموظف بالمآل المعتبرة دعوى تسوية وضعية فردية خاصة تجد تطبيقاتها في دعوى قضاء الإلزام المستقر عليها لدى هذه المحكمة المعتبرة آلية للشرعية والمشروعية وضمان سيادة القانون باعتباره ركيزة لدولة الحق والقانون ،طالما أن مجال الدعوى الطبيعي هو القضاء الشامل ،لأنه لا يمكن إجبار المتقاضي على سلوك دعوى أخرى بعينها متى كانت لا تسعف في تحقيق النفاذ المباشر لقول القانون وفقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض
5-طبيعة دعاوى التسوية:قضاء الإلزام
حيث استقر اتجاه هذه المحكمة المؤيد فقها على اعتبار دعوى تسوية الوضعية الفردية ضمن دعاوى الإلزام ، إذ جاء في حكمها الصادر عن ذات الغرفة بتاريخ 27 يونيو 2013 في الملف رقم 229/12/2013 : ” إن طلب الحكم على الإدارة يندرج ضمن قضاء الإلزام، المعتبر من دعاوى القضاء الشامل الهادفة إلى إلزام الإدارة قضاء بتطبيق القانون على مركز المعني الذاتي وإقرار حقوقه المدنية المعترف بها، وقول القانون في شأن وضعيته والتي تقتضي حكما يكشفها ويقرها، لأن تكييف المنازعة الإدارية وفقا للمعيار القضائي والفقهي الحديث يجد أساسه في تطبيق قواعد القانون العام، بحيث لا يكون المدعي ملزما بسلوك دعوى الإلغاء طبقا لقاعدة الخيار أو الجمع التي استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، ولا يمكن أن يعتبر ذلك حلولا محل الإدارة… احتراما لقواعد فصل السلط، وتمسكا بقواعد المشروعية التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون من قبل الحاكمين قبل المحكومين، لأن حضر توجيه الأوامر للإدارة مجاله قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل، تبعا لقاعدة عدم جواز ترك تنفيذ الإلتزامات على محض إرادة المدين المستمدة من قواعد العدل والإنصاف التي تفترض الخضوع للقانون والإلتزام به بأمر من السلطة القضائية الحامية الطبيعية للحقوق والحريات ” .
وحيث استقر العمل القضائي على أن القاضي الإداري وهو يناقش نزاعات الوضعية الفردية فإنه يراقب مدى احترام الإدارة للمشروعية، ومدى تقيدها بالقوانين والأنظمة المعمول بها تجاه موظفيها ومستخدمي المرافق العامة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، ولا يوجه أوامر للإدارة ولا يحل محلها ولا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها، وإنما يفحص العناصر المفروضة عليه للتأكد مما إذا كانت التسوية المطلوبة مشروعة ولها ما يبررها، تاركا للإدارة نفسها أمر تنفيذ الآثار القانونية الواجب ترتيبها على الحكم الذي سيصدره في النازلة والذي يعاين من خلاله توفر أو عدم توفر شروط التسوية المطلوبة.- قرار محكمة النقض عدد 734 الصادر بتاريخ 10/07/1997 في الملفين رقم 569/95 ورقم 570/95 .
6-طبيعة الحكم القضائي وأثره :
حيث إنه في نازلة الحال وطالما أن مصدر الحق المتنازع بشأنه يجد سنده في القانون أي المرسوم المؤرخ في 8 أبريل 2011 وأن الدعوى المتعلقة بالوضعية الفردية تندرج ضمن ولاية القضاء الشامل، كما تم بسطها وتحليلها أعلاه، ولما يقدمه هذا الأخير من حماية قضائية، رهين باضطلاع القاضي الإداري بدوره الخلاق والمنشئ في هاته الخصومة المتميزة بقيامها بين أطراف غير متكافئة المراكز القانونية، بل قضاؤها بإصلاح المراكز الذاتية التي نشأت حيادا على القانون، وتوجيه الأوامر إلى الإدارة بإلزام تنفيذ مقتضيات أحكامها، تحقيقا للأمن القانوني والقضائي، خلافا لتلك النظرية المهجورة التي تمنع مثل هذا التدخل ، والحال أن الحكم على الإدارة بهاته المبادئ قد فقدت بريقها حتى في بلد نشأتها بفرنسا، فضلا على ما استقر عليه قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ،لأن المحظور ليس توجيه الأوامر لكون الأحكام بطبيعتها تصدر في شكل أوامر أو أحكام ملزمة للإدارة بنص الفصل 126 من الدستور وتستهدف الحماية القضائية للحقوق والحريات طبقا للفصل 118 من الدستور الناص على أن ” حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون… “،وإنما المحظور حقا هو الحلول محل الإدارة في تنفيذ قراراتها وهو ما ينأى عنه الحكم ،لأنه ليست من صلاحيته إحداث مناصب أو فرض نفقات مالية.
وحيث بذلك يكون الطعن قد استوفى شروط قبوله من الناحية الشكلية لتهاتر الدفوع موضوعه تباعا لفقد ركن الجدية مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا.
من حيث الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى الحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي، وذلك بتوظيفه المباشر ودون إجراء مباراة في أسلاك الوظيفة العمومية في إطار ميزانية سنة 2012 بناء على الشهادة التي يتوفر عليها تنفيذا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 بتاريخ 08/04/2011 وكذا محضر الإتفاق الموقع في 20/07/ 2011 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل والصائر.
وحيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بالدفوع الموضوعية التالية :
أولا: الدفع بالنسخ لكون المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق وهي المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 .
ثانيا:الدفع بخرق مبدأ المساواة لكون طلب المدعي يمس بالمبدأ وبتكافؤ الفرص المقرر دستوريا.
ثالثا: الدفع بانعدم حجية المحضر لكونه لا يسعف في القول بقيام التزام بالتوظيف .
أولا: الدفع بالنسخ وبالتراتبية
1-حول الدفع بالنسخ
حيث نص المرسوم الوزاري 2ــ11ـ 100 الصادر في 8 أبريل 2011 بأنه ” بصفة استثنائية وانتقالية إلى غاية 31 دجنبر2011 يؤذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات،وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة، في الأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11“.
وحيث لا تلغى أو تنسخ القوانين إلا بقوانين لاحقة،وذلك إذا نصت هذه صراحة على الإلغاء ،أو كان القانون الجديد متعارضا مع قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه طبقا للفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود .
وحيث إن من شروط تحقق النسخ احترام قاعدة الرجعية المكرسة دستوريا وصونها وذلك بأن لا تكون الأوضاع الناشئة في ظل القانون القديم قد استوفت شروطها القانونية ،وعرفت طريقها إلى التنفيذ من خلال مرسوم الإدماج.
وحيث إن المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 الذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر في التوظيف بدل المبارة صادر قبل صدور القانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5944 الصادرة بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1432 (19 ماي 2011) وقبل دخول مرسومه التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011، والداخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2012،مما لا مجال معه للحديث عن النسخ وما تعلق به من تعارض التوظيف مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والاستحقاق ،لأن قاعدة عدم الرجعية تحصن الأوضاع القانونية والّإدارية الناشئة والمنفذة في ظل القانون القديم،لصيرورتها حقوقا مكتسبة لا يقبل المس بها أو التراجع عنها،وتسمو وتتقدم على غيرها من القواعد الدستورية لتعلقه بالنظام العام المطلق،لاتصاله بحسن سير العدالة والإدارة في نفس الوقت.
وحيث إنه فضلا عن ذلك فحتى الفصل 22 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي يؤكد على أن التوظيف يكون عن المباراة ،فإنه ترك إمكانيات أخرى. خارجها ، كانت الحكومة، حين التوقيع على المحضر، على علم بمقتضياتها، لذلك حافظت على الاستثناء الذي جاء به المرسوم السالف الذكر،ولم تلغيه كليا،ولا أدل على ذلك استعمال مصطلح”ولاسيما”الذي يدل لغة واصطلاحا على التخصيص وليس الحصر ،ولا يمكن تبعا لذلك إلقاء تبعة صياغة النصوص القانونية على القاضي ،لأنها من وظائف المشرع ،فضلا عن أن المحكمة تطبق القانون النافذ وقت نشوء الحق محل المنازعة ،وليس من صلاحيتها النظر في اعتبارات ملاءمة النصوص أو التعقيب عليها.
ب-حول الدفع بمبدأ تراتبية القاعدة القانونية :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن النص التشريعي الصادر عن نواب الأمة يعلو ويسمو على المراسيم وعلى غيرها من القرارات الوزارية ولا يمكن الركون إلى النص الأدنى لمخالفة النص الأعلى منه درجة .
وحيث ينص الفصل 6 من الدستور الجديد على أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصاذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. ..
تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة.
ليس للقانون أثر رجعي“.
وحيث إن بيان الصيرورة الزمنية لتطبيق المرسوم المفعل خلالها بمحضر تنفيذي له بالشكل المتعرض له آنفا يجعل القانون رقم 50.05 وما استتبعه من مرسومه التطبيقي لاحق له ولا يتناول حقبته والأوضاع القانونية الناشئة ظله طبقا لمبدأ عدم الرجعية المكرس دستوريا،وليس هناك بالتالي أي تناقض معه ،لأن التناقض هو ورود الإثبات والنفي بخصوص القانون المؤسس للحقوق على محل واحد وفي زمن واحد ،وبذلك تكون قاعدة التراتبية التي تقتضي وجود ترابط واتحاد زمني في سريان القواعد القانونية وإنشاء آثارها- لا تنفيذ مقتضياتها- بشكل يترتب عنه حكم القاعدتين المتزامنتين معا لوضعية واحدة غير متعاقبة بشكل يجعل القاعدة الأعلى ناسخة للقاعدة الأدنى ،وهو ما لا يتوافر بخصوص مرسوم 8 أبريل 2011،مما يكون معه الدفع غير مؤسس وحليفه الرد ،لاتحاد الترابية بلزوم خضوع الإدارة لأحكام القانون مما لا يمكن معه استحضار الفقرة الثالثة وتجاهل الفقرة القاعدية الأولى في نفس الوقت لترابطهما شكلا وجوهرا.
ثانيا:حول الدفع بإخلال التوظيف المباشر بمبدأ المساواة
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن تطبيق مضمون محضر 20 يوليوز سيسقط الحكومة في خرق مبدأ المساواة، لاسيما وأن المحضر وقع في ظل مرسوم التوظيف المباشر المطابق للدستور وخاصة الفصل السادس منه الذي ينص على مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون .
وحيث استقر اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في أكثر من قرار ونازلة على أنه”من الواجب على السلطة الإدارية أن تسوي في المعاملة بين المواطنينن إذا اتحدت ظروفهم فيما منحها المشرع من سلطة تصريف وضعياتهم ،فلا تعطي حقا أو مركزا لأحدهم ثم تحرم غيرهم منه متى تماثلت ظروفهم”
وحيث إنه لا يعقل إقامة تمييز في الحق في الشغل بين الدفعة الأولى للأطر العليا المعطلة التي استفادت من الإدماج المباشر والدفعة الثانية التي عطل فيها المحضر بدون وجه حق عن إنتاج آثاره القانونية بالمخالفة للقانون ومبادئ المساواة ،والأسس الأخلاقية والسياسية الوطنية والدينية لتسيير الشأن العام،والتي تفترض تقوية دعائم دولة المؤسسات ورد الاعتبار لالتزامات الإدارة واستمراريتها وما يفرضه حسن النية في تنفيذ التزاماتها وتعهداتها بصرف النظر عن الاعتبار الشخصي ،من أجل بلوغ المصلحة العامة المثلى والفضلى ،وإذكاء روح الثقة في الميثاق الدستوري الوطني الذي يعتبر احترام القانون وسموه جوهره وكيانه الأساسي،لأن سلطة تسيير الشأن العام ليست امتيازا شخصيا لمن يتولاه ،بل هي مسؤولية وأمانة وطنية ودينية قوامها التمسك بالنهج القويم في إرساء الشرعية والتصرف في حدود أحكام القانون باعتباره قيدا على كل أعمال وتصرفات الإدارة.
وحيث إن نظام التوظيف المباشر نفسه لم يقم تمييزا بين المواطنين ولم يخل بقاعدة المساواة أو الاستحقاق طالما أنه مفتوح لجميع حملة الشهادات العلمية المطلوبة المتماثلة مراكزهم القانونية الذين اختاروا الاستفادة منه،ولم يقص فئة على حساب أخرى،لأن المرجع الوحيد هو توافر الشهادة العلمية دون غيرها ،وتملك الإدارة في جميع الأحوال الرقابة على تطبيق المحضر وآليات تفعيله على مجموع المواطنين ،وتوخى المشرع منه تحقيق عدالة اجتماعية تعزز انخراط الطاقات الشابة والحية في النسيج الاقتصادي والتنموي ،وتضمن تقليص الفوارق الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع،لتحقيق السلم الاجتماعي المعتبر صيانة ديمومة آثاره واجب لاتصاله بالنظام العام الغير المرتبط بظروف أو فصل معينين ،لأن أكبر تحد يواجهه القانون في العالم المعاصر اليوم هو التحدي الاجتماعي .
وحيث إن المخالف لقاعدة المساواة الدستورية تبعا لذلك ليس التوظيف المباشر وإنما العصف بالمرسوم المنظم له وتجاهل تفعيل المحضر التنفيذي له رغم سبق تنفيذه على مجموعات أخرى. بحجج لا تستقيم قانونا مستمدة من تقصيرها وحدها في تطبيقه.
ثالثا: حول الدفع بانعدم حجية المحضر لكونه لا يسعف في القول بقيام التزام بالتوظيف
وحيث إن نص المحضر التنفيذي للمرسوم السالف الذكر على أنه”تتمة للمبادرة التي اتخذتها حكومة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده،فيما يتعلق بتدبير ملف حاملي الشواهد العليا الباحثين عن العمل والحاصلين على شواهد :الدكتوراه –دبلوم الدراسات العليا المعمقة-دبلوم الدراسات العليا المتخصصة –الماستر –الماستر المتخصص-مهندسي الدولة –برسم سنة 2010 وما قبلها ،والتي همت إدماج 4304 إطارا بمختلف أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية كدفعة أولى ،وذلك تنفيذا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر في هذا الصدد،والذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر بدل المبارة .
سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها ،وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف.
يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات ،وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 لتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية المخصصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012“.
وحيث إن المحضر التنفيذي للمرسوم الناص على إدماج المعطلين مشار في طليعته لمؤسسة الوزير الأول ومؤشر عليه بطابعه وموقع عليه من طرف عامل ملحق بولاية جهة الرباط سلا زمور زعير وممثل الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بتحديث القطاعات العامة الممثلين للقطاعات الحكومة ،يعد عمل إداري قانوني – يندرج ضمن العرف الإداري الذي درجت الإدارة على إتيانه (الفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود )،ويكتسي شكل عقد إداري بالإدماج الوظيفي المباشر -كما جاء في تصديره بفتح المجال لمشاركة الخواص في إبرام اتفاقيات في إطار مهامها التنظيمية والدستورية،لأن تسيير الشأن العام لم يعد مجالا محتكرا للإدارة ،بل إن الحكامة الجيدة للمرفق العمومي تقتضي ضمان المشاركة والتعددية والانفتاح الايجابي على القطاعات الحية .
وحيث إن المحضر المذكور يكتسي قيمة قانونية لكونه تم التوقيع عليه إبان سريان المرسوم الوزاري الاستثنائي لأبريل 2011 القاضي بالإدماج المباشر لحاملي الشهادات العليا المعطلة وداخل أجله، وقبل دخول المرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 المنفذ للقانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ،لذلك فالمحضر هو نتاج المرسوم السالف الذكر ومن متعلقاته وآثاره القانونية.
وحيث يعتبر حق الإدماج حقا مكتسبا للمعنيين به لا يجوز المساس به ،ولا المنازعة المجردة بشأنه،باعتباره شيء مسلم به ولا تنازع الإدارة في وجوده القانوني ،لتعبير الحكومة في أكثر من مناسبة وعلى لسان وزرائها بمن فيهم رئيس الحكومة في أكثر من وسيلة إعلامية عادية أو إلكترونية عن صحة ومشروعية ونفاذ الالتزام بالتوظيف المعلن بمبادرة ملكية سامية ، والمعتبر من وجهة نظرها -قبل التراجع عنه بشكل غير قانوني -“تحصيل حاصل وأمر غني عن النقاش، حري بالتفعيل“.
وحيث إن من مسلمات النظرية العامة للتصرفات القانونية والتي أقرتها محكمة النقض عدم جواز الدفع ببطلان عمل قانوني من طرف من كان طرفا فيه ،حتى لا يستفيد من خطئه إن كان هناك خطأ ،لصيرورته دفعا يهم الغير الذي له وحده المصلحة في إثارته.
وحيث إن الإدارة لم تتقدم بطعن بعدم شرعية المحضر في الجانب المتعلق بإقحام مؤسسة الوزير الأول أو تأشيرته أو توقيع ممثل الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية ،كما لم تتقدم بطلب الطعن بالزور الفرعي أو شكاية جنائية في الموضوع ليكون الدفع مؤسسا وجديرا بالالتفات إليه ،فضلا عن أنه لا يمكن لإدارة مركزية موضوعة كل الإدارة رهن إشارتها دستوريا مجرد الدفع أو التشكيك في تمثيل المؤسسات الدستورية المصونة هيبتها واحترامها ومقنن الحديث باسمها أو استعمال تأشيرتها أو إسمها.
وحيث إن نعي الإدارة على المحضر بإضافة توقيع بعض المجموعات التي لم توقع عليه ،دون أن تستطيع إثبات ذلك بمقبول من خلال الإدلاء بكل من المحضر الأصلي أو اللوائح المرفقة به المحتفظ به لديها ،لاسيما وأن طبيعة التفاوض الإداري تقتضي انضمام مجموعات أخرى تمثل حملة الشهادات العليا كلما نجحت المساعي الودية بينها وبين الإدارة،يجعل هذا الدفع غير مؤسس .
ثالثا:حول طلب تسوية الوضعية الإدارية والمالية
وحيث إن رفض الإدارة في شخص رئيس الحكومة تنفيذ المرسوم الوزاري وتعنتها المتواصل والمستمر في تفعيل المحضر موضوعه المتعلق بإدماج الطاعن -المنتمي إلى المجموعة الموقعة عليه- المباشر في التوظيف منذ فاتح نونبر 2011،وعدم برمجة المناصب المالية المخصصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 ،والمحددة في 4304 منصبا في المحضر التنفيذي للمرسوم المذكور،يشكل اعتداء ماديا على الحق الأساسي في الشغل وإخلالا منها بالتزام قانوني ،قطعته على نفسها “تشريعا وتنفيذا”بملئ إرادتها الذاتية،ومخالفة لقواعد الحكامة الجيدة لسير واستمرارية المرفق العمومي المكرسة دستوريا ومبادئ حسن النية في القرار والتنفيذ -والمعلومة في الشرع والقانون بالضرورة للكافة ولعامة الناس وخاصتهم -التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون، وأداء العقود والالتزام بالتعهدات- “لقول الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [ سورة المائدة: 1]. (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون) [ سورة النحل: 95] ، (وكان عهد الله مسؤولاً) [ سورة الأحزاب: 33] ، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً) [ الإرساء: 34]. ” من طرف الحاكمين أيا كانت مراكزهم وشخوصهم قبل المحكومين لتشكل النموذج الأعلى المحتذى به في التمسك بالشرعية.
وحيث ينص الفصل 110 من الدستور على أنه ” لايلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون.ولاتصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون. “.
وحيث ينص الفصل 117 من الدستور على أنه ” يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون.. “.
وحيث ينص الفصل 118 من الدستور على أن ” حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون… “.
وحيث إن الهدف الرئيسي من إخضاع الإدارة للقانون وللرقابة القضائية هو تأمين الحماية لحقوق وحريات الأفراد ضد تعسف السلطات العامة، وخصوصاً السلطة التنفيذية، ولذلك فإنه يُفترض في دولة القانون ضمان حقوق وحريات الأفراد ودعم مبدأ المسؤولية والمحاسبة وكسر حالة الاستهتار بنصوص القانون وبأحكام المحاكم بالشكل المثير للانتباه.
وحيث إن مجمع الدساتير الحديثة للدول تنص على كفالة هذه الحقوق والحريات وبالتدخل الايجابي على مستوى الممارسة والفعل -لا مجرد الخطاب-لكفالتها وتنميتها ،ومنها الحق الدستوري في الشغل وتقلد الوظائف العمومية-المعتبر جزءا أصيلا من الكرامة الإنسانية،وتفعيلا لمبادئ المواطنة الحقة -الذي نصت عليه المواثيق الدولية (البند الأول من المادة 21 ، المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،المادة 25 (ج )من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وإعلانات المنظمة الدولية للشغل،ومقررات المنظمة العربية للشغل.
وحيث إن عدم انضباط الإدارة لمقتضيات القانون الناص على التوظيف المباشر ،وللقواعد الدستورية الوطنية والدولية المتصلة بكل من الحق الأساسي في الشغل ،ومبدأ المساواة ،وحماية المال العام للدولة من المخاطر الناجمة عن المسؤولية عن عدم التنفيذ يحتم الحكم عليها باتخاذ إجراءات التسوية العاجلة والفورية للوضعية الإدارية والمالية للمدعية وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 موضوع محضر 20 يوليوز 2011.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
المنطوق
و تطبيقا للفصول6 و110و 117 و 118 من الدستور ، ومقتضيات القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية،ومقتضيات قانون المسطرة المدنية،والمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 ،والقانون رقم 50.05 المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24-2-1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،والمرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011،والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع ولاسيما البند الأول من المادة 21 ، المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،المادة 25 (ج )من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وإعلانات المنظمة الدولية للشغل،ومقررات المنظمة العربية للشغل.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا :
في الشكل :بقبول الطلب
وفي الموضوع:بالحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعية،وذلك بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية،مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8-4- 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011،مع الصائر.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه .
الرئيس المقرر كاتب الضبط
مايو 29, 2023 0
يونيو 01, 2022 0
مارس 12, 2022 0
نوفمبر 09, 2021 0
مايو 29, 2023 0
يونيو 01, 2022 0
أكتوبر 29, 2021 0
يوليو 30, 2020 0